الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ طه } * { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ } * { إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ } * { تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَقَ ٱلأَرْضَ وَٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلْعُلَى } * { ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ } * { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ ٱلثَّرَىٰ } * { وَإِن تَجْهَرْ بِٱلْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخْفَى } * { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ }

قوله عز وجل: { طه } فيه سبعة أقاويل:

أحدها: أنه بالسريانية يا رجل؛ قاله ابن عباس، ومجاهد، وحكى الطبري: أنه بالنبطية يا رجل؛ وقاله ابن جبير، والسدي كذلك.

وقال الكلبي: هو لغة عكل، وقال قطرب: هو بلغة طيىء وأنشد ليزيد بن مهلهل:

إن السفاهة (طه) من خليقتكم   لا قدس الله أرواح الملاعين
الثاني: أنه اسم من أسماء الله تعالى وَقَسَمٌ أَقْسَمَ بِِهِ، وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً.

الثالث: أنه اسم السورة ومفتاح لها.

الرابع: أنه اختصار من كلام خص الله رسوله بعلمه.

الخامس: أن حروف مقطعه يدل كل حرف منها على معنى.

السادس: معناه: طوبى لمن اهتدى، وهذا قول محمد الباقر بن علي زين العابدين رحمهما الله.

السابع: معناه طَإِ الأَرْضَ بقدمك، ولا تقم على إحدى رجليك يعني في الصلاة، حكاه ابن الأنباري.

ويحتمل ثامناً: أن يكون معناه طهّر، ويحتمل ما أمره بتطهيره وجهين:

أحدهما: طهر قلبك من الخوف.

والثاني: طهر أُمَّتَك من الشرك.

قوله تعالى: { مَآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْْءَانَ لِتَشْقَى } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: بالتعب والسهر في قيام الليل، قاله مجاهد.

الثاني: أنه جواب للمشركين لما قالواْ: إنه بالقرآن شقى، قاله الحسن.

الثالث: معناه لا تشْقِ بالحزن والأسف على كفر قومك، قاله ابن بحر.

قوله تعالى: { إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى } فيه وجهان:

أحدهما: إلا إنذاراً لمن يخشى الله.

والثاني: إلا زجراً لمن يتقي الذنوب.

والفرق بين الخشية والخوف: أن الخوف فيما ظهرت أسبابه والخشية فيما لم تظهر أسبابه.

قوله عز وجل: { لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: له ملك السموات والأرض.

الثاني: له تدبيرها.

الثالث: له علم ما فيها.

وفي {... الثَّرَى } وجهان:

أحدها: كل شيء مُبْتلّّ، قاله قتادة.

الثاني: أنه التراب في بطن الأرض، قاله الضحاك.

الثاني: أنها الصخرة التي تحت الأرض السابعة، وهي صخرة خضراء وهي سجِّين التي فيها كتاب الفجار، قاله السدي.

قوله عز وجل: { وَإِن تَجْهَرْ بَالْقَوْلِ } فم حاجتك إلى الجهر؟ لأن الله يعلم بالجهر وبالسر.

{ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأخْفَى } فيه ستة تأويلات:

أحدها: أن " السِّرَّ " ما حدَّث به العبد غيره في السر. " وأَخْفَى " ما أضمره في نفسه، ولم يحدّث به غيره، قاله ابن عباس.

الثاني: أن السر ما أَضمره العبد في نفسه. وأخفى منه ما لم يكن ولا أضمره أحد في نفسه قاله قتادة وسعيد بن جبير.

الثالث: يعلم أسرار عباده، وأخفى سر نفسه عن خلقه، قاله ابن زيد.

الرابع: أن السر ما أسره الناس، وأخفى: الوسوسة، قاله مجاهد.

الخامس: أن السر ما أسره من علمه وعمله السالف، وأخفى: وما يعلمه من عمله المستأنف، وهذا معنى قول الكلبي.

السادس: السر: العزيمة، وما هو أخفى: هو الهم الذي دون العزيمة.