قوله تعالى: { أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ } وهي البستان. { مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ } لأنه من أنفس ما يكون فيها. { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأْنْهَارُ } لأن أنفسها ما كان ماؤها جارياً. { وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ } لأن الكِبَر قد يُنسِي من سعى الشباب في كسبه، فكان أضعف أملاً وأعظم حسرة. { وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَآءُ } لأنه على الضعفاء أحَنّ، وإشفاقه عليهم أكثر. { فَأَصَابَهَآ إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ } وفي الإعصار قولان: أحدهما: أنه السَّمُوم الذي يقتل، حكاه السدي. والثاني: الإعصار ريح تهب من الأرض إلى السماء كالعمود تسميها العامة الزوبعة، قال الشاعر:
.....................
إن كنت ريحاً فقد لاقيت إعصاراً
وإنما قيل لها إعصار لأنها تَلْتَفُّ كالتفاف الثوب المعصور. { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآْيَاتِ } يحتمل وجهين: أحدهما: يوضح لكم الدلائل. والثاني: يضرب لكم الأمثال. { لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ } يحتمل وجهين: أحدهما: تعتبرون، لأن المفكر معتبر. والثاني: تهتدون، لأن الهداية التَّفَكُّر. واختلفوا في هذا المثل الذي ضربه الله في الحسرة لسلب النعمة، من المقصود به؟ على ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه مثل للمرائي في النفقة ينقطع عنه نفعها أحوج ما يكون إليها، قاله السدي. والثاني: هو مثل للمفرِّط في طاعة الله لملاذّ الدنيا يحصل في الآخرة على الحسرة العظمى، قاله مجاهد. والثالث: هو مثل للذي يختم عمله بفساد، وهو قول ابن عباس.