الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآءُو فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَإِنْ عَزَمُواْ ٱلطَّلاَقَ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

قوله تعالى: { لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ } معنى قوله تعالى: { يُؤْلُونَ } أي يقسمون، والألية: اليمين، قال الشاعر:

كُفِينا مَنْ تعنّت من نِزَار   وأحلَلْنا إليه مُقسِمينا
وفي الكلام حذف، تقديره: للذين يؤلون أن يعتزلوا من نسائهم لكنه إنما دل عليه ظاهر الكلام.

واختلفوا في اليمن التي يصير بها مولياً على قولين:

أحدهما: هي اليمين بالله وحده.

والثاني: هل كل عين لزم الحلف في الحنث بها ما لم يكن لازماً له وكلا القولين عن الشافعي.

واختلفوا في الذي إذا حلف عليه صار مُولياً على ثلاثة أقاويل:

أحدها: هو أن يحلف على امرأته في حال الغضب على وجه الإضرار بها، أن لا يجامعها في فرجها، وأما إن حلف على غير وجه الإضرار، وعلى غير الغضب فليس بمولٍ، وهو قول عليّ، وابن عباس وعطاء.

والثاني: هو أن يحلف أن لا يجامعها في فرجها، سواء كان في غضب أو غير غضب، وهو قول الحسن، وابن سيرين، والنخعي، والشافعي.

والثالث: هو كل يمين حلف بها في مساءة امرأته على جماع أو غيره، كقوله والله لأسوءنك أو لأغيظنك، وهو قول ابن المسيب، والشعبي، والحكم.

ثم قال تعالى: { فَإِن فَاؤُوا } يعني رجعوا، والفيء والرجوع من حال إلى حال، لقوله تعالى:حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ الله } [الحجرات: 9] أي ترجع، ومنه قول الشاعر:

ففاءَتْ ولم تَقْضِ الذي أقبلت له   ومِنْ حَاجَةِ الإنسانِ ما ليْسَ قاضيا
وفي الفيء ثلاثة تأويلات:

أحدها: الجماع لا غير، وهو قول ابن عباس، ومن قال إن المُوِلَي هو الحالف على الجماع دون غيره.

والثاني: الجماع لغير المعذور، والنية بالقلب وهو قول الحسن وعكرمة.

والثالث: هو المراجعة باللسان بكل غالب أنه الرضا، قاله ابن مسعود، ومن قال إن المُولي هو الحالف على مساءة زوجته.

ثم قال تعالى: { فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } وفيه ثلاثة تأويلات:

أحدها: أراد غفران الإثم وعليه الكفارة، قاله عليّ وابن عباس وسعيد بن المسيب.

والثاني: غفور بتخفيف الكفارة إسقاطها، وهذا قول من زعم أن الكفارة لا تلزم فيما كان الحنث براً، قاله الحسن، وإبراهيم.

والثالث: غفور لمأثم اليمين، رحيم في ترخيص المخرج منها بالتفكير، قاله ابن زيد.

ثم قال تعالى: { وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ } الآية. قرأ ابن عباس وإن عزموا السّراح،وفيه ثلاثة تأويلات:

أحدها: أن عزيمة الذي لا يفيء حتى تمضي أربعة أشهر فتطلق بذلك. واختلف من قال بهذا في الطلاق الذي يلحقها على قولين:

أحدهما: طلقة بائنة، وهو قول عثمان، وعليّ، وابن زيد، وزيد بن ثابت، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس.

السابقالتالي
2