قوله تعالى: { سَلْ بَنِي إِسْرَآءِيل كَمْ ءَاتَيْنَاهُم منْ ءَايَةِ بَيِّنَةٍ } ليس السؤال على وجه الاستخبار، ولكنه على وجه التوبيخ. وفي المراد بسؤاله بني إسرائيل، ثلاثة أقاويل: أحدها: أنبياؤهم. والثاني: علماؤهم. والثالث: جميعهم. والآيات البينات: فَلْقُ البحر، والظلل من الغمام، وغير ذلك. { وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُ } يعني بنعمة الله برسوله صلى الله عليه وسلم. قوله تعالى: { زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا } في الدنيا وتزيينها لهم، ثلاثة أقاويل: أحدها: زينها لهم الشيطان، وهو قول الحسن. والثاني: زينها لهم الذين أغووهم من الإنس والجن، وهو قول بعض المتكلمين. والثالث: أن الله تعالى زينها لهم بالشهوات التي خلقها لهم. { وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ } لأنهم توهموا أنهم على حق، فهذه سخريتهم بضعفة المسلمين. وفي الذي يفعل ذلك قولان: أحدهما: أنهم علماء اليهود. والثاني: مشركو العرب. { وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } يعني أنهم فوق الكفار في الدنيا. { وَاللهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }. فإن قيل: كيف يرزق من يشاء بغير حساب وقد قال تعالى:{ عَطَاءً حِسَاباً } [النبأ: 36] ففي هذا ستة أجوبة: أحدها: أن النقصان بغير حساب، والجزاء بالحساب. والثاني: بغير حساب لسعة ملكه الذي لا يفنى بالعطاء، لا يقدر بالحساب. والثالث: إن كفايتهم بغير حساب ولا تضييق. والرابع: دائم لا يتناهى فيصير محسوباً، وهذا قول الحسن. والخامس: أن الرزق في الدنيا بغير حساب، لأنه يعم به المؤمن والكافر فلا يرزق المؤمن على قدر إيمانه ولا الكافر على قدر كفره. والسادس: أنه يرزق المؤمنين في الآخرة وأنه لا يحاسبهم عليه ولا يَمُنُ عليهم به.