الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ سَلْ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }

قوله تعالى: { سَلْ بَنِي إِسْرَآءِيل كَمْ ءَاتَيْنَاهُم منْ ءَايَةِ بَيِّنَةٍ } ليس السؤال على وجه الاستخبار، ولكنه على وجه التوبيخ.

وفي المراد بسؤاله بني إسرائيل، ثلاثة أقاويل:

أحدها: أنبياؤهم.

والثاني: علماؤهم.

والثالث: جميعهم. والآيات البينات: فَلْقُ البحر، والظلل من الغمام، وغير ذلك.

{ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُ } يعني بنعمة الله برسوله صلى الله عليه وسلم.

قوله تعالى: { زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا } في الدنيا وتزيينها لهم، ثلاثة أقاويل:

أحدها: زينها لهم الشيطان، وهو قول الحسن.

والثاني: زينها لهم الذين أغووهم من الإنس والجن، وهو قول بعض المتكلمين.

والثالث: أن الله تعالى زينها لهم بالشهوات التي خلقها لهم.

{ وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ } لأنهم توهموا أنهم على حق، فهذه سخريتهم بضعفة المسلمين. وفي الذي يفعل ذلك قولان:

أحدهما: أنهم علماء اليهود.

والثاني: مشركو العرب.

{ وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } يعني أنهم فوق الكفار في الدنيا.

{ وَاللهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }.

فإن قيل: كيف يرزق من يشاء بغير حساب وقد قال تعالى:عَطَاءً حِسَاباً } [النبأ: 36] ففي هذا ستة أجوبة:

أحدها: أن النقصان بغير حساب، والجزاء بالحساب.

والثاني: بغير حساب لسعة ملكه الذي لا يفنى بالعطاء، لا يقدر بالحساب.

والثالث: إن كفايتهم بغير حساب ولا تضييق.

والرابع: دائم لا يتناهى فيصير محسوباً، وهذا قول الحسن.

والخامس: أن الرزق في الدنيا بغير حساب، لأنه يعم به المؤمن والكافر فلا يرزق المؤمن على قدر إيمانه ولا الكافر على قدر كفره.

والسادس: أنه يرزق المؤمنين في الآخرة وأنه لا يحاسبهم عليه ولا يَمُنُ عليهم به.