الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱدْخُلُواْ فِي ٱلسِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْكُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

قوله تعالى: { يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السلْمِ كَآفَّةً } قرأ ابن كثير، ونافع، والكسائي بفتح السين، والباقون بكسرها، واختلف أهل اللغة في الفتح والكسر، على وجهين:

أحدهما: أنهما لغتان تستعمل كل واحدة منهما في موضع الأخرى.

والثاني: معناهما مختلف، والفرق بينهما أن السِّلم بالكسر الإسلام، والسَّلم بالفتح المسالمة، من قوله تعالى:وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا } [الأنفال: 61] وفي المراد بالدخول في السلم، تأويلان:

أحدهما: الدخول في الإسلام، وهو قول ابن عباس، ومجاهد، والضحاك.

والثاني: معناه ادخلوا في الطاعة، وهو قول الربيع، وقتادة.

وفي قوله: { كَافَّةً } تأويلان:

أحدهما: عائد إلى الذين آمنوا، أن يدخلوا جميعاً في السلم.

والثاني: عائد إلى السلم أن يدخلوا في جميعه.

{ وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيطَانِ } يعني آثاره.

{ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } فيه تأويلان:

أحدهما: مبين لنفسه.

والآخر: مبين بعدوانه.

واختلفوا فيمن أبان به عدوانه على قولين:

أحدهما: بامتناعه من السجود لآدم.

والثاني: بقوله:لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً } [الإسراء: 62].

واختلفوا فيمن أمر بالدخول في السلم كافة، على ثلاثة أقاويل:

أحدها: أن المأمور بها المسلمون، والدخول في السلم العمل بشرائع الإسلام كلها، وهو قول مجاهد، وقتادة.

والثاني: أنها نزلت في أهل الكتاب، آمنوا بمن سلف من الأنبياء، فأُمِروا بالدخول في الإسلام، وهو قول ابن عباس، والضحاك.

والثالث: أنها نزلت في ثعلبة، وعبد الله بن سلام، وابن يامين، وأسد، وأسيد ابني كعب، وسعيد بن عمرو، وقيس بن زيد، كلهم من يهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يوم السبت كنا نعظمه ونَسْبِتُ فيه، وإن التوراة كتاب الله تعالى، فدعنا فلنصم نهارنا بالليل، فنزلت هذه الآية، وهو قول عكرمة.

قوله تعالى: { فَإِن زَلَلْتُم } فيه ثلاثة تأويلات:

أحدها: معناه عصيتم.

والثاني: معناه كفرتم.

والثالث: إن ضللتم وهذا قول السدي.

{ مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ } فيه أربعة تأويلات:

أحدها: أنها حجج الله ودلائله.

والثاني: محمد، وهو قول السدي.

والثالث: القرآن، وهو قول ابن جريج.

والرابع: الإسلام.

{ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } يعني عزيز في نفسه، حكيم في فعله.