قوله تعالى: { وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ } يعني الجهاد. { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُم إِلى التَّهْلُكَةِ } وفي الباء قولان: أحدهما: أنها زائدة، وتقديره ولا تلقوا أيديكم إلى التهلكة. والقول الثاني: أنها غير زائدة أي ولا تلقوا أنفسكم بأيديكم إلى التهلكة، والتهلكة والهلاك واحد. وفي: { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُم إِلى التَّهْلُكَةِ } ستة تأويلات: أحدها: أن تتركوا النفقة في سبيل الله تعالى، فتهلكوا بالإثم، وهذا قول بن عباس، وحذيفة. والثاني: أي لا تخرجوا بغير زاد، فتهلكوا بالضعف، وهذا قول زيد ابن أسلم. والثالث: أي تيأسوا من المغفرة عند ارتكاب المعاصي، فلا تتوبوا، وهذا قول البراء بن عازب. والرابع: أن تتركوا الجهاد في سبيل الله، فتهلكوا، وهذا قول أبي أيوب الأنصاري. والخامس: أنها التقحم في القتال من غير نكاية في العدو، وهذا قول أبي القاسم البلخي. والسادس: أنه عام محمول على جميع ذلك كله، وهو قول أبي جعفر الطبري. ثم قال تعالى: { وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أنه عنى به الإحسان في آداء الفرائض، وهو قول بعض الصحابة. والثاني: وأحسنوا الظن بالقَدَرِ، وهو قول عكرمة. والثالث: عُودُوا بالإحسان على مَنْ ليس بيده شيء، وهذا قول زيد بن أسلم.