قوله تعالى: { وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ } فيها قولان: أحدهما: أنها أول آية نزلت بالمدينة في قتال المشركين، أُمِرَ المسلمون فيها بقتال مَنْ قاتلهم من المشركين، والكف عمن كف عنهم، ثم نُسِخَتْ بسورة براءة، وهذا قول الربيع، وابن زيد. والثاني: أنها ثابتة في الحكم، أُمِرَ فيها بقتال المشركين كافة، والاعتداء الذي نهوا عنه: قتل النساء والولدان، وهذا قول ابن عباس، وعمر بن عبد العزيز، ومجاهد. وفي قوله تعالى: { وَلاَ تَعْتَدُوا } ثلاثة أقاويل: أحدها: أن الاعتداء قتال من لم يقاتل. والثاني: أنه قتل النساء والولدان. والثالث: أنه القتال على غير الدِّين. قوله تعالى: { وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ } يعني حيث ظفرتم بهم، { وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ } يعني من مكة. { وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ } يعني بالفتنة الكفر في قول الجميع، وإنما سمي الكفر فتنة، لأنه يؤدي إلى الهلاك كالفتنة. { وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ } فيه قولان: أحدهما: أن ذلك منسوخ لأن الله تعالى قد نَهَى عن قتال أهل الحرم إلا أن يبدؤا بالقتال، ثم نُسِخَ ذلك بقوله: { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ } ، وهذا قول قتادة. والقول الثاني: أنها محكمة وأنه لا يجوز أن نبدأ بقتال أهل الحرم إلا أن يبدأوا بالقتال، وهذا قول مجاهد.