ثم أخبر أن مع هذه الآيات الباهرة لذوي العقول { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أَندَاداً } والأنداد الأمثال، واحدها ند، والمراد به الأصنام التي كانوا يتخذونها آلهة يعبدونها كعبادة الله تعالى مع عجزها عن قدرة الله في آياته الدالة على وحدانيته. ثم قال تعالى: { يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ } يعني أنهم مع عجز الأصنام يحبونهم كحب الله مع قدرته. { وَالَّذِينَ ءَامَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ } يعني من حب أهل الأوثان لأوثانهم، ومعناه أن المخلصين لله تعالى هم المحبون حقاً. قوله تعالى: { إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا } فيهم قولان: أحدهما: أن الذين اتبعوا هم السادة والرؤساء تبرؤوا ممن اتبعهم على الكفر، وهذا قول عطاء. والثاني: أنهم الشياطين تبرؤوا من الإنس، وهذا قول السدي. { وَرَأَوُا الْعَذَابَ } يعني به المتبوعين والتابعين. وفي رؤيتهم للعذاب وجهان محتملان: أحدهما: تيقنهم له عند المعاينة في الدنيا. والثاني: أن الأمر بعذابهم عند العرض والمساءلة في الآخرة. { وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ } فيه خمسة تأويلات: أحدها: أن الأسباب تواصلهم في الدنيا، وهو قول مجاهد وقتادة. والثاني: المنازل التي كانت لهم في الدنيا، وهو قول ابن عباس. والثالث: أنها الأرحام، وهو رواية ابن جريج عن ابن عباس. والرابع: أنها الأعمال التي كانوا يعملونها في الدنيا، وهو قول السدي. والخامس: أنها العهود والحلف الذي كان بينهم في الدنيا. { وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مَنْهُم كَمَا تَبَرَّءُوا مَنَّا } يريد بذلك أن الأتباع قالوا للمتبوعين لو أن لنا كرة أي رجعة إلى الدنيا فنتبرأ منكم فيها كما تبرأتم منا في الآخرة. { كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَلَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ } يريد المتبوعين والأتباع، والحسرة شدة الندامة على محزون فائت. وفي { أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ } وجهان: أحدهما: برهم الذي حبط بكفرهم، لأن الكافر لا يثاب مع كفره. والثاني: ما نقصت به أعمارهم في أعمال المعاصي أن لا تكون مصروفة إلى طاعة الله. { وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ } يريد به أمرين: أحدهما: فوات الرجعة. والثاني: خلودهم في النار.