قوله عز وجل: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنَ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ } أما المساجد فهي مواضع العبادات، وفي المراد بها هنا قولان: أحدهما: ما نسب إلى التعبد من بيوت الله تعالى استعمالاً لحقيقة الاسم. والثاني: أنَّ كُلَّ موضع من الأرض، أقيمت فيه عبادة من بيوت الله وغيرها مسجد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " جُعِلَتْ لِيَ الأرضُ مَسْجِداً ". وفي المانع مساجد الله أن يُذْكَرَ فيها اسمه، أربعة أقاويل: أحدها: أنه بُخْتَ نصر وأصحابه من المجوس الذين خربوا بيت المقدس، وهذا قول قتادة. والثاني: أنهم النصارى الذين أعانوا (بُخْتَ نَصّر) على خرابه، وهذا قول السدي. والثالث: أنهم مشركو قريش، منعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام عام الحديبية، وهذا قول عبد الرحمن بن زيد. والرابع: أنه عَامٌّ في كل مشرك، منع من كل مسجد. وفي قوله تعالى: { وَسَعَى في خَرَابِهَا } تأويلان: أحدهما: بالمنع من ذكر الله فيها. والثاني: بهدمها. { أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خَآئِفِينَ } فيه تأويلان: أحدهما: خائفين بأداء الجزية، وهذا قول السدي. والثاني: خائفين من الرعب، إن قُدر عليهم عوقبوا، وهذا قول قتادة.