الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وُدّاً } * { فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ ٱلْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً } * { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً }

قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمنُ وُدّاً } فيه وجهان:

أحدهما: حباً في الدنيا مع الأبرار، وهيبة عند الفجار.

الثاني: يحبهم الله ويحبهم الناس، قال الربيع بن أنس: إذا أحب الله عبداً ألقى له المحبة في قلوب أهل السماء، ثم ألقاها في قلوب أهل الأرض.

ويحتمل ثالثاً: أن يجعل لهم ثناء حسناً. قال كعب: ما يستقر لعبد ثناء في الدنيا حتى يستقر من أهل السماء. وحكى الضحاك عن ابن عباس: أن هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه جعل له ودّاً في قلوب المؤمنين.

قوله عز وجل: { قَوْماً لُّدّاً } فيه ثلاثة تأويلات:

أحدها: فجّاراً، قاله مجاهد.

الثاني: أهل إلحاح في الخصومة، مأخوذ من اللدود في الأفواه، فلزومهم الخصومة بأفواههم كحصول اللدود في الأفواه، قاله ابن بحر.

قال الشاعر:

بغوا لَدَدَي حَنقاً عليَّ كأنما   تغلي عداوة صدرهم في مِرجل
الثالث: جدالاً بالباطل، قاله قتادة، مأخوذ من اللدود وهو شديد الخصومة. قال الله تعالى: { وَهُوَ الْخِصَامِ } وقال الشاعر:

أبيت نجياً للهموم كأنني   أخاصم أقواماً ذوي جدلٍ لُدّا
قوله عز وجل: { وِكْزَاً } فيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: صوتاً، قاله ابن عباس وقتادة والضحاك.

الثاني: حِسّاً، قاله ابن زيد.

الثالث: أنه ما لا يفهم من صوت أو حركة، قاله اليزيدي.