الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } * { ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً }

قوله عز وجل: { وَإِنّ مِنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } فيه قولان:

أحدهما: يعني الحمى والمرض، قاله مجاهد. روى أبو هريرة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود رجلاً من أصحْابه فيه وعك وأنا معه، فقال رسول الله: " أَبْشِرْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: هِي نَارِي أُسَلِّطُهَا عَلَى عَبْدِي المُؤْمِنِ لِتَكُونَ حَظَّهُ مِنَ النَّارِ " أي في الآخرة.

الثاني: يعني جهنم. ثم فيه قولان:

أحدهما: يعني بذلك الكافرين يردونها دون المؤمن؛ قاله عكرمة ويكون قوله: { وَإِن مِّنْكُمْ } أي منهم كقوله تعالى: { وَسَقَاهُم رَبُّهُم شَرَاباً طَهُوراً } ثم قال: { إِنَّ هذَا كَانَ لَكُم جَزَاءً } أي لهم.

الثاني: أنه أراد المؤمن والكافر. روى ابن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " الزَّالُّونَ وَالزَّالاَّت يَومَئذٍ كَثِيرٌ " وفي كيفية ورودها قولان:

أحدهما: الدخول فيها. قال ابن عباس: ليردنها كل بر وفاجر. لكنها تمس الفاجر دون البر. قال وكان دعاء من مضى: اللهم أخرجني من النار سالماً، وأدخلني الجنة عالماً.

والقول الثاني: أن ورود المسلم عليها الوصول إليها ناظراً لها ومسروراً بالنجاة منها، قاله ابن مسعود، وذلك مثل قوله تعالى:وَلَمَّا وَرَدَ مَآء مَدْيَنَ } [القصص: 23] أي وصل. وكقول زهير بن أبي سلمى:

ولما وردن الماء زُرْقاً جِمامُه   وضعن عِصيَّ الحاضر المتخيمِ
ويحتمل قولاً ثالثاً: أن يكون المراد بذلك ورود عرضة القيامة التي تجمع كل بر وفاجر:

{ كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً } فيه تأويلان:

أحدهما: قضاء مقتضياً، قاله مجاهد. الثاني: قسماً واجباً، قاله ابن مسعود.