الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِ فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً } * { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً }

قوله تعالى: { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ } الآية. في الفرق بين الخلْف بتسكين اللام والخلف بتحريكها وجهان:

أحدهما: أنه بالفتح إذا خلفه من كان من أهله، وبالتسكين إذا خلفه من ليس من أهله.

الثاني: أن الخلْف بالتسكين مستعمل في الذم، وبالفتح مستعمل في المدح قال لبيد:

ذهب الذين يعاش في أكنافهم   وبقيت في خلفٍ كجلد الأجْرب
وفي هذا الخلف قولان:

أحدهما: أنهم اليهود من بعد ما تقدم من الأنبياء، قاله مقاتل. الثاني: أنهم من المسلمين.

فعلى هذا في قوله { من بَعْدِهِم } قولان:

أحدهما: من بعد النبي صلى الله عليه وسلم، من عصر الصحابة وإلى قيام الساعة كما روى الوليد بن قيس حكاه إبراهيم عن عبيدة.

الثاني: إنهم من بعد عصر الصحابة. روى الوليد بن قيس عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يَكُونُ بَعْدَ سِتِّينَ سَنَةً { خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ } ". الآية.

وفي إضاعتهم الصلاة قولان:

أحدهما: تأخيرها عن أوقاتها، قال ابن مسعود وعمر بن عبد العزيز.

الثاني: تركها، قاله القرظي.

ويحتمل ثالثاً: أن تكون إضاعتها الإِخلال باستيفاء شروطها.

{ فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً } فيه خمسة أقاويل:

أحدها: أنه واد في جهنم، قالته عائشة وابن مسعود.

الثاني: أنه الخسران، قاله ابن عباس.

الثالث: أنه الشر، قاله ابن زيد.

الرابع: الضلال عن الجنة. الخامس: الخيبة، ومنه قول الشاعر:

فمن يلق خيراً يحمد الناس أمره   ومن يغو لا يعدم على الغي لائماً
من يغو: أي من يخب.