الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰيَحْيَىٰ خُذِ ٱلْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ ٱلْحُكْمَ صَبِيّاً } * { وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً } * { وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً } * { وَسَلاَمٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَياً }

قوله تعالى: { يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ } وفي قائله قولان:

أحدهما: أنه قول زكريا ليحيى حين نشأ.

الثاني: قول الله ليحيى حين بلغ.

وفي هذا { الْكِتَابَ } قولان:

أحدهما: صحف إبراهيم.

الثاني: التوراة.

{ بِقُوَّةٍ } فيه وجهان:

أحدهما: بجد واجتهاد، قاله مجاهد.

الثاني: العمل بما فيه من أمر والكف عما فيه من نهي، قاله زيد بن أسلم.

{ وَءَاتَينَاهُ الْحُكُمَ صَبِيّاً } فيه أربعة أوجه:

أحدها: اللب، قاله الحسن.

الثاني: الفهم، قاله مقاتل.

الثالث: الأحكام والمعرفة بها.

الرابع: الحكمة. قال معمر: إن الصبيان قالوا ليحيى إذهب بنا نلعب فقال ما للعب خلقت، فأنزل الله { وَءَاتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً }. قاله مقاتل وكان ابن ثلاث سنين.

قوله تعالى: { وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا } فيه ستة تأويلات:

أحدها: رحمة من عندنا، قاله ابن عباس وقتادة، ومنه قول الشاعر:

أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا   حنانيكَ بعض الشر أهون من بعض
أي رحمتك وإحسانك.

الثاني: تعطفاً، قاله مجاهد.

الثالث: محبة، قاله عكرمة.

الرابع: بركة، قاله ابن جبير.

الخامس: تعظيماً.

السادس: يعني آتينا تحنناً على العباد.

ويحتمل سابعاً: أن يكون معناه رفقاً ليستعطف به القلوب وتسرع إليه الإِجابة { وَزَكَاةً } فيها هنا ثلاثة تأويلات:

أحدها: أنها العمل الصالح الزاكي، قاله ابن جريج.

الثاني: زكيناه بحسن الثناء كما يزكي الشهود إنساناً.

الثالث: يعني صدقة به على والديه، قاله ابن قتيبة. { وَكَانَ تَقِيّاً } فيه وجهان:

أحدهما مطيعاً لله، قاله الكلبي. الثاني: باراً بوالديه، قاله مقاتل.