الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ رَبِّ ٱجْعَل لِيۤ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيّاً } * { فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ ٱلْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً }

قوله تعالى: {... اجْعَل لِّي ءَايَةً } أي علامة وفيها وجهان:

أحدهما: أنه سأل الله آية تدله على البشرى بيحيى منه لا من الشيطان لأن إبليس أوهمه ذلك، قاله الضحاك.

الثاني: سأله آية تدله على أن امرأته قد حملت.

{ قَالَ ءَايَتُكَ أَلاَّ تُكلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيّاً } فيه وجهان:

أحدهما: أنه اعتقل لسانه ثلاثاً من غير مرض وكان إذا أراد أن يذكر الله انطلق لسانه وإذا أراد أن يكلم الناس اعتقل، وكانت هذه الآية، قاله ابن عباس

الثاني: اعتقل من غير خرس، قاله قتادة والسدي.

{ سَوِيّاً } فيه تأويلان:

أحدهما: صحيحاً من غير خرس، قاله قتادة.

الثاني: ثلاث ليال متتابعات، قاله عطية، فيكون السوي على الوجه الأول راجعاً إلى لسانه، وعلى الثاني إلى الليالي.

قوله تعالى: { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ المِحْرَابِ } قال ابن جريج أشرف على قومه من المحراب. وفي { الْمِحْرَابِ } وجهان:

أحدهما: أنه مصلاة، قاله ابن زيد.

الثاني: أنه الشخص المنصوب للتوجه إليه في الصلاة.

وفي تسميته محراباً وجهان:

أحدهما: أنه للتوجه إليه في صلاته كالمُحَارِب للشيطان صلاته.

الثاني: أنه مأخوذ من منزل الأشراف الذي يحارب دونه ذباً عن أهله فكأن الملائكة تحارب عن المصلي ذباً عنه ومنعاً منه.

{ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشيّاً } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أوصى إليهم، قاله ابن قتيبة.

الثاني: أشار إليهم بيده، قاله الكلبي.

الثالث: كتب على الأرض. والوحي في كلام العرب الكتابة ومنه قول جرير:

كأن أخا اليهود يخط وحياً   بكافٍ من منازلها ولام
{ أَنَ سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً } أي صلواْ بكرة وعشياً، قاله الحسن وقتادة، وقيل للصلاة تسبيح لما فيها من التسبيح.