الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَسَفاً } * { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً } * { وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً }

قوله عز وجل: { فلعلك باخعٌ نفسك على آثارهم } فيه وجهان:

أحدهما: قاتل نفسك، ومنه قول ذي الرُّمَّةِ:

ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه   بشيء نحتَهُ عن يديك المقادِرُ
الثاني: أن الباخع المتحسر الأسِف، قاله ابن بحر.

{ على آثارهم } فيه وجهان:

أحدهما: على آثار كفرهم.

الثاني: بعد موتهم.

{ إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً } يريد إن لم يؤمن كفار قريش بهذا الحديث يعني القرآن.

{ أسفاً } فيه أربعة تأويلات:

أحدها: أي غضباً، قاله قتادة.

الثاني: جزعاً، قاله مجاهد.

الثالث: أنه غمّاً، قاله السدي.

الرابع: حزناً، قاله الحسن، وقد قال الشاعر:

أرى رجلاً منهم أسيفاً كأنما   تضُمُّ إلى كشحيه كفّاً مخضبَّا
قوله عز وجل: { إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها } فيه خمسة أوجه:

أحدها: أنها الأشجار والأنهار التي زين الله الأرض بها، قاله مقاتل.

الثاني: أنهم الرجال لأنهم زينة الأرض، قاله الكلبي.

الثالث: أنهم الأنبياء والعلماء، قاله القاسم.

الرابع: أن كل ما على الأرض زينة لها، قاله مجاهد.

الخامس: أن معنى { زينة لها } أي شهوات لأهلها تزين في أعينهم وأنفسهم.

{ لنبلوهم أيهم أحْسَنُ عملاً } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أيهم أحسن إعراضاً عنها وتركاً لها، قاله ابن عطاء.

الثاني: أيهم أحسن توكلاً علينا فيها، قاله سهل بن عبد الله.

الثالث: أيهم أصفى قلباً وأهدى سمتاً.

ويحتمل رابعاً: لنختبرهم أيهم أكثر اعتباراً بها.

ويحتمل خامساً: لنختبرهم في تجافي الحرام منها.

قوله عز وجل: { وإنّا لجاعلون ما عليها صعيداً جرزاً } في الصعيد ثلاثة أقاويل:

أحدها: الأرض المستوية، قاله الأخفش ومقاتل.

الثاني: هو وجه الأرض لصعوده، قاله ابن قتيبة.

الثالث: أنه التراب، قاله أبان بن تغلب.

وفي الجُرُز أربعة أوجه:

أحدها: بلقعاً، قاله مجاهد.

الثاني: ملساء، وهو قول مقاتل.

الثالث: محصورة، وهو قول ابن بحر.

الرابع: أنها اليابسة التي لا نبات بها ولا زرع قال الراجز:

قد جرفتهن السُّنون الأجراز