قوله عز وجل: { فلعلك باخعٌ نفسك على آثارهم } فيه وجهان: أحدهما: قاتل نفسك، ومنه قول ذي الرُّمَّةِ:
ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه
بشيء نحتَهُ عن يديك المقادِرُ
الثاني: أن الباخع المتحسر الأسِف، قاله ابن بحر. { على آثارهم } فيه وجهان: أحدهما: على آثار كفرهم. الثاني: بعد موتهم. { إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً } يريد إن لم يؤمن كفار قريش بهذا الحديث يعني القرآن. { أسفاً } فيه أربعة تأويلات: أحدها: أي غضباً، قاله قتادة. الثاني: جزعاً، قاله مجاهد. الثالث: أنه غمّاً، قاله السدي. الرابع: حزناً، قاله الحسن، وقد قال الشاعر:
أرى رجلاً منهم أسيفاً كأنما
تضُمُّ إلى كشحيه كفّاً مخضبَّا
قوله عز وجل: { إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها } فيه خمسة أوجه: أحدها: أنها الأشجار والأنهار التي زين الله الأرض بها، قاله مقاتل. الثاني: أنهم الرجال لأنهم زينة الأرض، قاله الكلبي. الثالث: أنهم الأنبياء والعلماء، قاله القاسم. الرابع: أن كل ما على الأرض زينة لها، قاله مجاهد. الخامس: أن معنى { زينة لها } أي شهوات لأهلها تزين في أعينهم وأنفسهم. { لنبلوهم أيهم أحْسَنُ عملاً } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أيهم أحسن إعراضاً عنها وتركاً لها، قاله ابن عطاء. الثاني: أيهم أحسن توكلاً علينا فيها، قاله سهل بن عبد الله. الثالث: أيهم أصفى قلباً وأهدى سمتاً. ويحتمل رابعاً: لنختبرهم أيهم أكثر اعتباراً بها. ويحتمل خامساً: لنختبرهم في تجافي الحرام منها. قوله عز وجل: { وإنّا لجاعلون ما عليها صعيداً جرزاً } في الصعيد ثلاثة أقاويل: أحدها: الأرض المستوية، قاله الأخفش ومقاتل. الثاني: هو وجه الأرض لصعوده، قاله ابن قتيبة. الثالث: أنه التراب، قاله أبان بن تغلب. وفي الجُرُز أربعة أوجه: أحدها: بلقعاً، قاله مجاهد. الثاني: ملساء، وهو قول مقاتل. الثالث: محصورة، وهو قول ابن بحر. الرابع: أنها اليابسة التي لا نبات بها ولا زرع قال الراجز: