الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَٰهُ لاۤ أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ ٱلْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً } * { فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ سَرَباً } * { فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَٰهُ آتِنَا غَدَآءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَباً } * { قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى ٱلصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ ٱلْحُوتَ وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاَّ ٱلشَّيْطَٰنُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ عَجَباً } * { قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَٱرْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصاً } * { فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً }

قوله عز وجل: { وإذا قال موسى لفتاه } يعني يوشع بن نون وهو ابن أخت موسى وسمي فتاهُ لملازمته إياه، قيل في العلم، وقيل في الخدمة، وهو خليفة موسى على قومه من بعده.

وقال محمد بن إسحاق: إن موسى الذي طلب الخضر هو موسى بن منشى بن يوسف، وكان نبياً في بني إسرائيل قبل موسى بن عمران.

والذي عليه جمهور المسلمين أنه موسى بن عمران.

{ لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين } فيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: يعني بحر الروم وبحر فارس، أحدهما قبل المشرق، والآخر قبل المغرب وحكى الطبري أنه ليس في الأرض مكان أكثر ماء منه.

والقول الثاني: هو بحر أرمينية مما يلي الأبواب.

الثالث: الخضرُ وإلياس، وهما بحران في العلم، حكاه السدي.

{ أو أمضي حُقباً } فيه خمسة أوجه:

أحدها: أن الحقب ثمانون سنة، قاله عبد الله بن عمر.

الثاني: سبعون سنة، قاله مجاهد.

الثالث: أن الحقب الزمان، قاله قتادة.

الرابع: أنه الدهر، قاله ابن عباس، ومنه قول امرىء القيس:

نحن الملوك وأبناء الملوك، لنا   مِلكٌ به عاش هذا الناس أحقابا
الخامس: أنه سنة بلغة قيس، قاله الكلبي. وفي قوله { لا أبْرحُ } تأويلان:

أحدهما: لا أفارقك، ومنه قول الشاعر:

إذا أنت لم تبرح تؤدي أمانةً   وتحمل أُخرى أثقلتك الودائع
الثاني: لا أزال، قاله الفراء، ومنه قول الشاعر:

وأبرح ما أدام اللهُ قومي   بحمد الله منتطقاً مجيداً
أي لا أزال. وقيل إنه قال { لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين } لأنه وعد أن يلقى عنده الخضر عليه السلام.

{ فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حُوتَهما } قيل إنهما تزودا حوتاً مملوحاً وتركاه حين جلسا، وفيه وجهان:

أحدهما: أنه ضل عنهما حتى اتخذ سبيله في البحر سرباً، فسمي ضلاله عنهما نسياناً منهما.

الثاني: أنه من النسيان له والسهو عنه.

ثم فيه وجهان:

أحدهما: أن الناسي له أحدهما وهو يوشع بن نون وحده وإن أضيف النسيان إليهما، كما يقال نسي القوم زادهم إذا نسيه أحدهم.

الثاني: أن يوشع نسي أن يحمل الحوت ونسي موسى أن يأمره فيه بشيء، فصار كل واحد منهما ناسياً لغير ما نسيه الآخر.

{ فاتّخذ سبيله في البحر سَرَباً } فيه ثلاثة تأويلات:

أحدها: مسلكاً، قاله مجاهد وابن زيد.

الثاني: يبساً، قاله الكلبي.

الثالث:عجباً، قاله مقاتل.

قوله عز وجل: { فلما جاوَزا } يعني مكان الحوت.

{ قال لفَتاهُ } يعني موسى قال لفتاه يوشع بن نون.

{ آتِنا غداءَنا } والغداء الطعام بالغداة كما أن العشاء طعام العشي والإنسان إلى الغداء أشد حاجة منه إلى العشاء.

{ لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً } فيه وجهان: أحدهما: أنه التعب.

الثاني: الوهن.

{ قال أرأيت إذ أوينا الى الصخرة } فيه قولان:

أحدهما: قاله مقاتل، إن الصخرة بأرض تسمى شره ان على ساحل بحر أيلة، وعندها عين تسمى عين الحياة.

السابقالتالي
2