قوله عز وجل: { وإذا قال موسى لفتاه } يعني يوشع بن نون وهو ابن أخت موسى وسمي فتاهُ لملازمته إياه، قيل في العلم، وقيل في الخدمة، وهو خليفة موسى على قومه من بعده. وقال محمد بن إسحاق: إن موسى الذي طلب الخضر هو موسى بن منشى بن يوسف، وكان نبياً في بني إسرائيل قبل موسى بن عمران. والذي عليه جمهور المسلمين أنه موسى بن عمران. { لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين } فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: يعني بحر الروم وبحر فارس، أحدهما قبل المشرق، والآخر قبل المغرب وحكى الطبري أنه ليس في الأرض مكان أكثر ماء منه. والقول الثاني: هو بحر أرمينية مما يلي الأبواب. الثالث: الخضرُ وإلياس، وهما بحران في العلم، حكاه السدي. { أو أمضي حُقباً } فيه خمسة أوجه: أحدها: أن الحقب ثمانون سنة، قاله عبد الله بن عمر. الثاني: سبعون سنة، قاله مجاهد. الثالث: أن الحقب الزمان، قاله قتادة. الرابع: أنه الدهر، قاله ابن عباس، ومنه قول امرىء القيس:
نحن الملوك وأبناء الملوك، لنا
مِلكٌ به عاش هذا الناس أحقابا
الخامس: أنه سنة بلغة قيس، قاله الكلبي. وفي قوله { لا أبْرحُ } تأويلان: أحدهما: لا أفارقك، ومنه قول الشاعر:
إذا أنت لم تبرح تؤدي أمانةً
وتحمل أُخرى أثقلتك الودائع
الثاني: لا أزال، قاله الفراء، ومنه قول الشاعر:
وأبرح ما أدام اللهُ قومي
بحمد الله منتطقاً مجيداً
أي لا أزال. وقيل إنه قال { لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين } لأنه وعد أن يلقى عنده الخضر عليه السلام. { فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حُوتَهما } قيل إنهما تزودا حوتاً مملوحاً وتركاه حين جلسا، وفيه وجهان: أحدهما: أنه ضل عنهما حتى اتخذ سبيله في البحر سرباً، فسمي ضلاله عنهما نسياناً منهما. الثاني: أنه من النسيان له والسهو عنه. ثم فيه وجهان: أحدهما: أن الناسي له أحدهما وهو يوشع بن نون وحده وإن أضيف النسيان إليهما، كما يقال نسي القوم زادهم إذا نسيه أحدهم. الثاني: أن يوشع نسي أن يحمل الحوت ونسي موسى أن يأمره فيه بشيء، فصار كل واحد منهما ناسياً لغير ما نسيه الآخر. { فاتّخذ سبيله في البحر سَرَباً } فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: مسلكاً، قاله مجاهد وابن زيد. الثاني: يبساً، قاله الكلبي. الثالث:عجباً، قاله مقاتل. قوله عز وجل: { فلما جاوَزا } يعني مكان الحوت. { قال لفَتاهُ } يعني موسى قال لفتاه يوشع بن نون. { آتِنا غداءَنا } والغداء الطعام بالغداة كما أن العشاء طعام العشي والإنسان إلى الغداء أشد حاجة منه إلى العشاء. { لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً } فيه وجهان: أحدهما: أنه التعب. الثاني: الوهن. { قال أرأيت إذ أوينا الى الصخرة } فيه قولان: أحدهما: قاله مقاتل، إن الصخرة بأرض تسمى شره ان على ساحل بحر أيلة، وعندها عين تسمى عين الحياة.