الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُواْ رَبَّهُمْ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ قُبُلاً } * { وَمَا نُرْسِلُ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَٰدِلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلْبَٰطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ ٱلْحَقَّ وَٱتَّخَذُوۤاْ ءَايَٰتِي وَمَآ أُنْذِرُواْ هُزُواً }

قوله عز وجل: { وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءَهم الهُدى } فيه وجهان:

أحدهما: وما منع الناس أنفسهم أن يؤمنوا.

الثاني: ما منع الشيطان الناس أن يؤمنوا.

وفي هذا الهدي وجهان:

أحدهما: حجج الله الدالة على وحدانيته ووجوب طاعته.

الثاني: رسول الله صلى الله عليه وسلم المبعوث لهداية الخلق.

{ إلاّ أن تأتيهم سنةُ الأولين } أي عادة الأولين في عذاب الإستئصال.

{ أو يأتيهم العذاب قبلاً } قرأ عاصم وحمزة والكسائي { قُبُلاً } بضم القاف والباء وفيه وجهان:

أحدهما: تجاه، قاله مجاهد.

الثاني: أنه جمع قبيل معناه ضروب العذاب.

ويحتمل ثالثاً: أن يريد: من أمامهم مستقبلاً لهم فيشتد عليهم هول مشاهدته.

وقرأ الباقون قِبَلاً بكسر القاف، وفيه وجهان:

أحدهما: مقابلة.

الثاني: معاينة.



ويحتمل ثالثاً: من قبل الله تعالى بعذاب من السماء، لا من قبل المخلوقين، لأنه يعم ولا يبقى فهو أشد وأعظم.

قوله عز وجل: {.. ليُدحضوا به الحقَّ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: ليذهبوا به الحق، ويزيلوه، قاله الأخفش.

الثاني: ليبطلوا به القرآن ويبدلوه، قاله الكلبي.

الثالث: ليهلكوا به الحق.

والداحض الهالك،

مأخوذ من الدحض وهو الموضع المزلق من الأرض الذي لا يثبت عليه خف ولا حافر ولا قدم، قال الشاعر:

ردَيت ونجَى اليشكري حِذارُه   وحادَ كما حادَ البعير عن الدحض
{ واتخدوا آياتي وما أنذروا هُزُواً } يحتمل وجهين:

أحدهما: أن الآية البرهان، وما أنذروا القرآن.

الثاني: الآيات القرآن وما أنذروا الناس.

ويحتمل قوله: { هزواً } وجهين:

أحدهما: لعباً.

الثاني: باطلاً.