قوله عز وجل: { وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءَهم الهُدى } فيه وجهان: أحدهما: وما منع الناس أنفسهم أن يؤمنوا. الثاني: ما منع الشيطان الناس أن يؤمنوا. وفي هذا الهدي وجهان: أحدهما: حجج الله الدالة على وحدانيته ووجوب طاعته. الثاني: رسول الله صلى الله عليه وسلم المبعوث لهداية الخلق. { إلاّ أن تأتيهم سنةُ الأولين } أي عادة الأولين في عذاب الإستئصال. { أو يأتيهم العذاب قبلاً } قرأ عاصم وحمزة والكسائي { قُبُلاً } بضم القاف والباء وفيه وجهان: أحدهما: تجاه، قاله مجاهد. الثاني: أنه جمع قبيل معناه ضروب العذاب. ويحتمل ثالثاً: أن يريد: من أمامهم مستقبلاً لهم فيشتد عليهم هول مشاهدته. وقرأ الباقون قِبَلاً بكسر القاف، وفيه وجهان: أحدهما: مقابلة. الثاني: معاينة.
ويحتمل ثالثاً: من قبل الله تعالى بعذاب من السماء، لا من قبل المخلوقين، لأنه يعم ولا يبقى فهو أشد وأعظم. قوله عز وجل: {.. ليُدحضوا به الحقَّ } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: ليذهبوا به الحق، ويزيلوه، قاله الأخفش. الثاني: ليبطلوا به القرآن ويبدلوه، قاله الكلبي. الثالث: ليهلكوا به الحق. والداحض الهالك، مأخوذ من الدحض وهو الموضع المزلق من الأرض الذي لا يثبت عليه خف ولا حافر ولا قدم، قال الشاعر:
ردَيت ونجَى اليشكري حِذارُه
وحادَ كما حادَ البعير عن الدحض
{ واتخدوا آياتي وما أنذروا هُزُواً } يحتمل وجهين: أحدهما: أن الآية البرهان، وما أنذروا القرآن. الثاني: الآيات القرآن وما أنذروا الناس. ويحتمل قوله: { هزواً } وجهين: أحدهما: لعباً. الثاني: باطلاً.