الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً }

قوله عز وجل: { وإذ قلنا للملائكة اسجُدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجنِّ } فيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: أنه كان من الجن على ما ذكره الله تعالى. ومنع قائل هذا بعد ذلك أن يكون من الملائكة لأمرين:

أحدهما: أن له ذرية، والملائكة لا ذرية لهم.

الثاني: أن الملائكة رسل الله سبحانه ولا يجوز عليهم الكفر، وإبليس قد كفر، قال الحسن: ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين قط، وإنه لأصل الجن كما أن آدم أصل الإنس.

الثاني: أنه من الملائكة، ومن قالوا بهذا اختلفوا في معنى قوله تعالى { كان من الجن } على ثلاثة أقاويل:

أحدها: ما قاله قتادة أنه كان من أفضل صنف من الملائكة يقال لهم الجن.

الثاني: ما قاله ابن عباس، أنه كان من الملائكة من خزان الجنة ومدبر أمر السماء الدنيا فلذلك قيل من الجن لخزانة الجنة، كما يقال مكي وبصري.

الثالث: أن الجن سبط من الملائكة خلقوا من نار وإبليس منهم، وخلق سائر الملائكة من نور، قاله سعيد من جبير، قاله الحسن: خلق إبليس من نار وإلى النار يعود.

الثالث: أن إبليس لم يكن من الإنس ولا من الجن، ولكن كان من الجان، وقد مضى من ذكره واشتقاق اسمه ما أغنى.

{ ففسق عن أمر ربه... } فيه وجهان:

أحدهما: أن الفسق الاتساع ومعناه اتسع في محارم الله تعالى:

الثاني: أن الفسق الخروج أي خرج من طاعة ربه، من قولهم فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها، وسميت الفأرة فويسقة لخروجها من حجرها قال رؤبة بن العجاج:

يهوين من نجدٍ وغورٍ غائرا   فواسقاً عن قصدها جوائرا
وفي قوله تعالى: {... بئس للظالمين بدلاً } وجهان:

أحدهما: بئس ما استبدلوا بطاعة الله طاعة إبليس، قاله قتادة.

الثاني: بئس ما استبدلوا بالجنة النار.