قوله عز وجل: { وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } هذا وإن كان خارجاً مخرج التخيير فهو على وجه التهديد والوعيد، وفيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنهم لا ينفعون الله بإيمانهم ولا يضرونه بكفرهم. الثاني: فمن شاء الجنة فليؤمن، ومن شاء النار فليكفر، قاله ابن عباس. الثالث: فمن شاء فليعرِّض نفسه للجنة بالإيمان، ومن شاء فليعرض نفسه للنار بالكفر. { إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها } فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أن سرادقها حائط من النار يطيف بهم، قاله ابن عباس. الثاني: هو دخانها ولهيبها قبل وصولهم إليها، وهو الذي قال الله تعالى فيه{ إلى ظلٍّ ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب } [المرسلات: 30-31]. قاله قتادة. الثالث: أنه البحر المحيط بالدنيا. روى يعلى بن أمية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " البحر هو جهنم " ثم تلا { ناراً أحاط بهم سرادقها } ثم قال " والله لا أدخلها أبداً ما دمت حياً ولا يصيبني منها قطرة " والسرادق فارسي معرب، واصله سرادر. { وإن يستغيثوا يُغَاثوا بماءٍ كالمهل... } فيه أربعة تأويلات: أحدها: أنه القيح والدم، قاله مجاهد. الثاني: دردي الزيت، قاله ابن عباس. الثالث: أنه كل شيء أذيب حتى انماع؛ قاله ابن مسعود. الرابع: هو الذي قد انتهى حره، قاله سعيد بن جبير، قال الشاعر:
شاب بالماء منه مهلاً كريهاً
ثم علّ المتون بعد النهال
وجعل ذلك إغاثة لاقترانه بذكر الاستغاثة. {... بئس الشراب وساءت مرتفقاً } في المرتفق أربعة تأويلات: أحدها: معناه مجتمعاً، قاله مجاهد، كأنه ذهب إلى معنى المرافقة. الثاني: منزلاً قاله الكلبي، مأخوذ من الارتفاق. الثالث: أنه من الرفق. الرابع: أنه من المتكأ مضاف إلى المرفق، ومنه قول أبي ذؤيب: