الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَاْىءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً } * { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَداً }

قوله عز وجل: { ولا تقولن لشيءإني فاعلٌ ذلك غداً } { إلا إن يشاء الله } قال الأخفش: فيه إضمار وتقديره: إلا أن تقول إن شاء الله، وهذا وإن كان أمراً فهو على وجه التأديب والإرشاد أن لا تعزم على أمر إلا أن تقرنه بمشيئة الله تعالى لأمرين:

أحدهما: أن العزم ربما صد عنه بمانع فيصير في وعده مخلفاً في قوله كاذباً، قال موسى عليه السلامستجدني إن شاء الله صابراً } [الكهف: 70] ولم يصبر ولم يكن كاذباً لوجود الاستثناء في كلامه.

الثاني: إذعاناً لقدرة الله تعالى، وإنه مدبر في أفعاله بمعونة الله وقدرته.

الثالث: يختص بيمينه إن حلف وهو سقوط الكفارة عنه إذا حنث.

{ واذكر ربك إذا نسيت } فيه ثلاثة تأويلات:

أحدها: أنك إذا نسيت الشيء فاذكرالله ليذكرك إياه، فإن فعل فقد أراد منك ما ذكرك، وإلا فسيدلك على ما هو أرشد لك مما نسيته، قاله بعض المتكلمين.

الثاني: واذكر ربك إذا غضبت، قاله عكرمة، ليزول عنك الغضب عند ذكره.

الثالث: واذكر ربك إذا نسيت الاستثناء بمشيئة الله في يمينك. وفي الذكر المأمور به قولان:

أحدهما: أنه ما ذكره في بقية الآية { وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشداً }

الثاني: أنه قول إن شاء الله الذي كان نسيه عند يمينه.

واختلفوا في ثبوت الاستثناء بعد اليمين على خمسة أقاويل:

أحدها: أنه يصح الاستثناء بها إلى سنة، فيكون كالاستثناء بها مع اليمين في سقوط الكفارة ولا يصح بعد السنة، قاله ابن عباس.

الثاني: يصح الاستثناء بها في مجلس يمينه، ولا يصح بعد فراقه، قاله الحسن وعطاء.

الثالث: يصح الاستثناء بها ما لم يأخذ في كلام غيره.

الرابع: يصح الاستثناء بها مع قرب الزمان، ولا يصح مع بعده.

الخامس: أنه لا يصح الاستثناء بها إلا متصلاً بيمينه وهو الظاهر من مذهب مالك والشافعي رحمهما الله.