الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً } * { وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً }

قوله عز وجل: { ومن يهد الله فهو المهتدِ } معناه من يحكم الله تعالى بهدايته فهو المهتدي بإخلاصه وطاعته.

{ ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه } فيه وجهان:

أحدهما: ومن يحكم بضلاله فلن تجد له أولياء من دونه في هدايته.

الثاني: ومن يقض الله تعالى بعقوبته لم يوجد له ناصر يمنعه من عقابه.

{ ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم } فيه وجهان:

أحدهما: أن ذلك عبارة عن الإسراع بهم إلى جهنم، من قول العرب: قدم القوم على وجوههم إذا أسرعوا.

الثاني: أنه يسحبون يوم القيامة على وجوههم إلى جهنم كمن يفعل في الدنيا بمن يبالغ في هوانه وتعذيبه.

{ عُمْياً وبكماً وصماً } فه وجهان:

أحدهما: أنهم حشروا في النار عُمي الأبصار بُكم الألسن صُمّ الأسماع ليكون ذلك يزادة في عذابهم، ثم أبصروا لقوله تعالىورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها } [الكهف: 53] وتكلموا لقوله تعالىدَعوا هنالك ثبوراً } [الفرقان: 13] وسمعوا، لقوله تعالىسمعوا لها تغيظاً وزفيراً } [الفرقان: 12].

وقال مقاتل بن سليمان: بل إذا قال لهماخسئوا فيها ولا تكلمُون } [المؤمنون: 18] صاروا عمياً لا يبصرون، صُمّاً لا يسمعون، بكماً لا يفقهون.

الثاني: أن حواسهم على ما كانت عليه، ومعناه عمي عما يسرّهم، بكم عن التكلم بما ينفعهم، صم عما يمتعهم، قاله ابن عباس والحسن.

{ مأواهم جهنم } يعني مستقرهم جهنم.

{ كلما خبت زدناهم سعيراً } فيه وجهان:

أحدهما: كلما طفئت أوقدت، قاله مجاهد.

الثاني: كلما سكن التهابها زدناهم سعيراً والتهاباً، قاله الضحاك، قال الشاعر:

وكُنّا كَالحَرِيقِ أَصَابَ غَاباً   فَيَخْبُو سَاعَةً ويَهُبُّ سَاعا
وسكون التهابها من غير نقصان في الآمهم ولا تخفيف من عذابهم.