قوله عز وجل: { ومن يهد الله فهو المهتدِ } معناه من يحكم الله تعالى بهدايته فهو المهتدي بإخلاصه وطاعته. { ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه } فيه وجهان: أحدهما: ومن يحكم بضلاله فلن تجد له أولياء من دونه في هدايته. الثاني: ومن يقض الله تعالى بعقوبته لم يوجد له ناصر يمنعه من عقابه. { ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم } فيه وجهان: أحدهما: أن ذلك عبارة عن الإسراع بهم إلى جهنم، من قول العرب: قدم القوم على وجوههم إذا أسرعوا. الثاني: أنه يسحبون يوم القيامة على وجوههم إلى جهنم كمن يفعل في الدنيا بمن يبالغ في هوانه وتعذيبه. { عُمْياً وبكماً وصماً } فه وجهان: أحدهما: أنهم حشروا في النار عُمي الأبصار بُكم الألسن صُمّ الأسماع ليكون ذلك يزادة في عذابهم، ثم أبصروا لقوله تعالى{ ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها } [الكهف: 53] وتكلموا لقوله تعالى{ دَعوا هنالك ثبوراً } [الفرقان: 13] وسمعوا، لقوله تعالى{ سمعوا لها تغيظاً وزفيراً } [الفرقان: 12]. وقال مقاتل بن سليمان: بل إذا قال لهم{ اخسئوا فيها ولا تكلمُون } [المؤمنون: 18] صاروا عمياً لا يبصرون، صُمّاً لا يسمعون، بكماً لا يفقهون. الثاني: أن حواسهم على ما كانت عليه، ومعناه عمي عما يسرّهم، بكم عن التكلم بما ينفعهم، صم عما يمتعهم، قاله ابن عباس والحسن. { مأواهم جهنم } يعني مستقرهم جهنم. { كلما خبت زدناهم سعيراً } فيه وجهان: أحدهما: كلما طفئت أوقدت، قاله مجاهد. الثاني: كلما سكن التهابها زدناهم سعيراً والتهاباً، قاله الضحاك، قال الشاعر:
وكُنّا كَالحَرِيقِ أَصَابَ غَاباً
فَيَخْبُو سَاعَةً ويَهُبُّ سَاعا
وسكون التهابها من غير نقصان في الآمهم ولا تخفيف من عذابهم.