قوله عز وجل: { وإن كادوا ليستفزونَك مِنَ الأرض ليخرجوك منها } في قوله { ليستفزّونك } وجهان: أحدهما: يقتلونك، قاله الحسن. الثاني: يزعجونك باتسخفافك، قاله ابن عيسى. قال الشاعر:
يُطِيعُ سَفِيهَ القوْمِ إذ يَسْتَفِزُّهُ
ويعْصِي حَكِيماً شَيَّبَتْهُ الْهَزَاهِزُ
وفي قوله { ليخرجوك منها } أربعة أقاويل: أحدها: أنهم اليهود أرادوا أن يخرجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة، فقالوا: إن أرض الأنبياء هي الشام وإن هذه ليست بأرض الأنبياء، قاله سليمان التيمي. الثاني: أنهم قريش هموا بإخراج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة قبل الهجرة، قاله قتادة. الثالث: أنهم أرادوا إخراجه من جزيرة العرب كلها لأنهم قد أخرجوه من مكة. الرابع: أنهم أرادوا قتله ليخرجوه من الأرض كلها، قاله الحسن. { وإذاً لا يلبثون خلافك إلا قليلاً } يعني بعدك، قال خلْفك وخلافك وقد قرئا جميعاً بمعنى بعدك، ومنه قول الشاعر:
عَفَتِ الدِّيَارُ خِلاَفَها فَكَأَنَّما
بَسَطَ الشَّوَاطبُ بَيْنَهُم حَصِيراً
وقيل خلفك بمعنى مخالفتك، ذكره ابن الأنباري. { إلا قليلاً } فيه وجهان: أحدهما: أن المدة التي لبثوها بعده ما بين إخراجهم له إلى قتلهم يوم بدر، وهذا قوله من ذكر أنهم قريش. الثاني: ما بين ذلك وقتل بني قريظة وجلاء بني النضير، وهذا قول من ذكر أنهم اليهود.