الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } * { وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً } * { إِذاً لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ ٱلْحَيَاةِ وَضِعْفَ ٱلْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً }

قوله تعالى: { وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره } فيه قولان:

أحدهما: ما روى سعيد بن جبير أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستلم الحجر في طوافه فمنعته قريش وقالوا لا ندعك تستلم حتى تلم بآلهتنا فحدث نفسه وقال: " ما عليّ أن ألمَّ بها بعد أن يعدوني أستلم الحجر واللّه يعلم أني لها كاره " فأبى الله تعالى وأنزل عليه هذه الآية، قاله مجاهد وقتادة.

الثاني: ما روى ابن عباس أن ثقيفاً قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أجِّلْنا سنة حتى نأخذ ما نُهدي لآلهتنا، فإذا أخذناه كسرنا آلهتنا وأسلمْنا، فهمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطيعهم، فأنزل الله هذه الآية.

{ لِتَفْتَريَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ } يحتمل وجهين:

أحدهما: لتدّعي علينا غير وحينا.

الثاني: لتعتدي في أوامرنا.

{ وإذاً لاتخذوك خليلاً } فيه وجهان:

أحدهما: صديقاً، مأخوذ من الخُلة بالضم وهي الصداقة لممالأته لهم.

الثاني: فقيراً، مأخوذ من الخلة بالفتح وهي الفقر لحاجته إليهم.

قوله عز وجل: { إذاً لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات } فيه قولان:

أحدهما: لأذقناك ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك.

الثاني: لأذقناك ضعف عذاب الدنيا وضعف عذاب الآخرة، حكاه الطبري:

وفي المراد بالضِّعف ها هنا وجهان:

أحدها: النصيب، ومنه قوله تعالىلكل ضِعفٌ } [الأعراف: 38] أي نصيب.

الثاني: مثلان، وذلك لأن ذنبك أعظم.

وفيه وجه ثالث: أن الضعف هو العذاب يسمى ضعف لتضاعف ألمه، قاله أبان بن تغلب وأنشد قول الشاعر:

لمقتل مالكٍ إذ بان مني   أبيتُ الليل في ضعفٍ أليم
قال قتادة: لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ".