قوله عز وجل: { وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها.. } الآية في قوله { وإذا أردنا أن نهلك قرية } ثلاثة أقاويل: أحدها: معناه إذا أردنا أن نحكم بهلاك قرية. والثاني: معناه وإذا أهلكنا قرية، وقوله { أردنا } صلة زائدة كهي في قوله تعالى:{ جداراً يريد أن ينقض } [الكهف: 77] الثالث: أنه أراد بهلاك القرية فناء خيارها وبقاء شرارها. { أمرنا مترفيها } الذي عليه الأئمة السبعة من القراء أن أمرنا مقصور مخفف، وفيه وجهان: أحدهما: أمرنا متفريها بالطاعة، لأن الله تعالى لا يأمر إلا بها، { ففسقوا فيها } أي فعصوا بالمخالفة، قاله ابن عباس. الثاني: معناه: بعثنا مستكبريها، قاله هارون، وهي في قراءة أبيِّ: بعثنا أكابر مجرميها. وفي قراءة ثانية { أمّرنا مترفيها } بتشديد الميم، ومعناه جعلناهم أمراء مسلطين، قاله أبو عثمان النهدي. وفي قراءة ثالثة { آمَرْنا مُترفيها } ممدود، ومعناه أكثرنا عددهم، من قولهم آمر القوم إذا كثروا، لأنهم مع الكثرة يحتاجون إلى أمير يأمرهم وينهاهم، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم " خير المال مهرة أو سُكة مأبورة " أي كثيرة النسل، وقال لبيد:
إن يغبطوا يهبطوا وإن أمِروا
يوماً يصيروا إلى الإهلاك والنكد
وهذا قول الحسن وقتادة. وفي { مترفيها } ثلاثة تأويلات: أحدها جباروها، قاله السن. الثاني: رؤساؤها، قاله علي بن عيسى. الثالث: فساقها، قاله مجاهد.