الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ }

قوله عز وجل: { والّلهُ جَعَل لكُم مِن أنفسِكم أزواجاً } فيه وجهان: أحدهما: يعني جعل لكم من جنسكم مثلكم، فضرب المثل من أنفسكم، قاله ابن بحر. الثاني: يعني آدم خلق منه حوّاء، قاله الأكثرون. { وجعل لكم مِن أزواجكم بنين وحفدة } وفي الحفدة خمسة أقاويل:

أحدها: أنهم الأصهار أختان الرجل على بناته، قاله ابن مسعود وأبو الضحى. وسعيد بن جبير وإبراهيم، ومنه قول الشاعر:

ولو أن نفسي طاوعتني لأصبحت   لها حَفَدٌ مما يُعَدّث كثيرُ
ولـكنـهـا نـفس عـليَّ أبيّة   عَيُوفٌ لأَصهارِ للئام قَذور
الثاني: أنهم أولاد الأولاد، قاله ابن عباس.

الثالث: أنهم بنو امرأة الرجل من غيره، وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً.

الرابع: أنهم الأعوان، قاله الحسن.

الخامس: أنهم الخدم، قاله مجاهد وقتادة وطاووس، ومنه قول جميل:

حفد الولائدُ حولهم وأسلمت   بأكفهن أزِمّةَ الأجمال
وقال طرفة بن العبد:

يحفـدون الـضـيف في أبـياتهم   كـرماً ذلـك مـنهـم غـيـر ذل
وأصل الحفد الإسراع، والحفدة جمع حافد، والحافد هو المسرع في العمل، ومنه قولهم في القنوت وإليك نسعى ونحفد، أي نسرع إلى العمل بطاعتك، منه قول الراعي:

كلفت مجهـولـها نـوقـاً ثمانية   إذا الحـداة على أكسـائها حفـدوا
وذهب بعض العلماء في تفسير قوله تعالى { بنين وحفدة } البنين الصغار والحفدة الكبار. { ورزقكم من الطيبات } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: من الفيىء والغنيمة.

الثاني: من المباحات في البوادي.

الثالث: ما أوتيه عفواً من غير طلب ولا تعب.

{ أفبـالباطِل يؤمنون } فيه وجهان:

أحدهما: بالأصنام.

الثاني: يجحدون البعث والجزاء.

{ وبنعمة الله يكفرون } فيها وجهان:

أحدهما: بالإسلام.

الثاني: بما رزقهم الله تعالى من الحلال آفة من أصنامهم. حكاه الكلبي.