الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَىٰ ٱلنَّحْلِ أَنِ ٱتَّخِذِي مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ ٱلشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ } * { ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ فَٱسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }

قوله عز وجل: { وأوحى ربك إلى النحل } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أن الوحي إليها هو إلهاماً، قاله ابن عباس ومجاهد.

الثاني: يعني أنه سخرها، حكاه ابن قتيبة.

الثالث: أنه جعل ذلك في غرائزها بما يخفى مثله على غيرها، قاله الحسن.

{ أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشُون } فذكر بيوتها لما ألهمها وأودعه في غرائزها من صحة القسمة وحسن المنعة.

{ ومما يعرشون } فيه تأويلان:

أحدهما: أنه الكرم، قاله ابن زيد.

الثاني: ما يبنون، قاله أبو جعفر الطبري.

{ ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك } أي طرق ربك.

{ ذللاً } فيه أربعة أوجه: أحدها: مذللة، قاله أبو جعفر الطبري.

الثاني: مطيعة، قاله قتادة.

الثالث: أي لا يتوعر عليها مكان تسلكه، قاله مجاهد.

الرابع: أن الذلل من صفات النحل وأنها تنقاد وتذهب حيث شاء صاحبها لأنها تتبع أصحابها حيث ذهبوا، قاله ابن زيد.

{ يخرج من بطونها شرابٌ } يعني العسل.

{ مختلف ألوانُهُ } لاختلاف أغذيتها. { فيه شفاءٌ للناس } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أن ذلك عائد إلى القرآن، وأن في القرآن شفاء للناس أي بياناً للناس، قاله مجاهد.

الثاني: أن ذلك عائد إلى الاعتبار بها أن فيه هدى للناس، قاله الضحاك.

الثالث: أن ذلك عائد إلى العسل، وأن في العسل شفاء للناس، قاله ابن مسعود وقتادة. روى قتادة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر أن أخاه اشتكى بطنه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " اذهب فاسق أخاك عسلاً " ثم جاء فقال: ما زاده إلا شدة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم " اذهب فاسق أخاك عسلاً ". ثم جاء فقال له: ما زاده إلا شدة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " اذهب فاسق أخاك عسلاً، صدق الله وكذب بطن أخيك، فسقاه فكأنه نشط من عِقال "