الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُاْ ظِلاَلُهُ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَٱلْشَّمَآئِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ } * { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } * { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }

قوله عز وجل: { أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيؤا ظِلالُهُ } فيه أربعة أوجه:

أحدها: يرجع ظلالُه، لأن الفيء الرجوع، ولذلك كان اسماً للظل بعد الزوال لرجوعه.

الثاني: معناه تميل ظلاله، قاله ابن عباس.

الثالث: تدور ظلاله، قاله ابن قتيبة.

الرابع: تتحول ظلاله، قاله مقاتل.

{ عن اليمين والشمائل } فيه وجهان:

أحدهما: يعني تارة إلى جهة اليمين، وتارة إلى جهة الشمال، قاله ابن عباس. لأن الظل يتبع الشمس حيث دارت.

الثاني: أن اليمين أول النهار، والشمال آخر النهار، قاله قتادة والضحاك.

{ سجداً لله } فيه ثلاث تأويلات:

أحدهما: أن ظل كل شيء سجوده، قاله قتادة.

الثاني: أن سجود الظلال سجود أشخاصها، قاله الضحاك.

الثالث: أن سجود الظلال كسجود الأشخاص تسجد لله خاضعة، قاله الحسن. ومجاهد.

وقال الحسن: أما ظلك فيسجد لله، وأما أنت فلا تسجد لله، فبئس والله ما صنعت.

{ وهم داخرون } أي صاغرون خاضعون، قال ذو الرمة:

فلم يبق إلا داخرُ في مخيس   ومنحجر في غير أرضك حُجر
قوله عز وجل: { ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض من دابة والملائكة } أما سجود ما في السموات فسجود خضوع وتعبد، وأما سجود ما في الأرض من دابة فيحتمل وجهين:

أحدهما: أن سجوده خضوعه لله تعالى.

الثاني: أن ظهور ما فيه من قدرة الله يوجب على العباد السجود لله سبحانه.

وفي تخصيص الملائكة بالذكر، وإن دخلوا في جملة من في السموات والأرض وجهان:

أحدهما: أنه خصهم بالذكر لاختصاصهم بشرف المنزلة فميزهم من الجملة بالذكر وإن دخلوا فيها.

الثاني: لخروجهم من جملة من يدب، لما جعل الله تعالى لهم من الأجنحة فلم يدخلوا في الجملة، فلذلك ذكروا.

وجواب ثالث: أن في الأرض ملائكة يكتبون أعمال العباد لم يدخلوا في جملة ملائكة السماء فلذلك أفردهم بالذكر.

{ وهم لا يستكبرون } يحتمل وجهين:

أحدهما: لا يستكبرون عن السجود لله تعالى.

الثاني: لا يستكبرون عن الخضوع لقدرة الله.

{ يخافون رَبَّهم من فوقهم } فيه وجهان:

أحدهما: يعني عذاب ربهم من فوقهم لأن العذاب ينزل من السماء.

الثاني: يخافون قدرة الله التي هي فوق قدرتهم وهي في جميع الجهات.

{ ويفعلون ما يؤمرون } فيه وجهان:

أحدهما: من العبادة، قاله ابن عباس.

الثاني: من الانتقام من العصاة.