قوله عز وجل: { الَّذِين تتوفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم } قال عكرمة: نزلت هذه الآية في قوم أسلموا بمكة ولم يهاجروا، فأخرجتهم قريش إلى بدر كرها، فقتلوا، فقال الله { الذين تتوفاهم الملائكة } يعني بقبض أرواحهم. { ظالمي أنفسهم } في مقامهم بمكة وتركهم الهجرة. { فألقوا السّلَمَ } يعني في خروجهم معهم وفيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنه الصلح، قاله الأخفش. الثاني: الاستسلام، قاله قطرب. الثالث: الخضوع، قاله مقاتل. { ما كنا نعمل من سوء } يعني من كفر. { بَلَى إن الله عليمٌ بما كنتم تعملون } يعني إن أعمالهم أعمال الكفار. قوله عز وجل: {... ولدار الآخرة خيرٌ } يحتمل وجهين: أحدهما: أن الجنة خير من النار، وهذا وإن كان معلوماً فالمراد به تبشيرهم بالخلاص منها. الثاني: أنه أراد أن الآخرة خير من دار الدنيا، قاله الأكثرون. { ولنعم دار المتقين } فيه وجهان: أحدهما: ولنعم دار المتقين الآخرة. الثاني: ولنعم دار المتقين الدنيا، قال الحسن: لأنهم نالوا بالعمل فيها ثواب الآخرة ودخول الجنة. قوله تعالى: { الذين تتوفاهم الملائكة طيبين } قيل معناه صالحين. ويحتمل طيبي الأنفس ثقة بما يلقونه من ثواب الله تعالى. ويحتمل ـ وجهاً ثالثاً ـ أن تكون وفاتهم وفاة طيبة سهلة لا صعوبة فيها ولا ألم بخلاف ما تقبض عليه روح الكافر. { يقولون سلام عليكم } يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون السلام عليهم إنذاراً لهم بالوفاة. الثاني: أن يكون تبشيراً لهم بالجنة، لأن السلام أمان. { ادخلوا الجنة } يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون معناه أبشروا بدخول الجنة. الثاني: أن يقولوا ذلك لهم في الآخرة. { بما كنتم تعملون } يعني في الدنيا من الصالحات.