الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ ٱلسَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوۤءٍ بَلَىٰ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } * { فَٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِينَ } * { وَقِيلَ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هٰذِهِ ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ ٱلْمُتَّقِينَ } * { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤونَ كَذَلِكَ يَجْزِي ٱللَّهُ ٱلْمُتَّقِينَ } * { ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }

قوله عز وجل: { الَّذِين تتوفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم } قال عكرمة: نزلت هذه الآية في قوم أسلموا بمكة ولم يهاجروا، فأخرجتهم قريش إلى بدر كرها، فقتلوا، فقال الله { الذين تتوفاهم الملائكة } يعني بقبض أرواحهم. { ظالمي أنفسهم } في مقامهم بمكة وتركهم الهجرة. { فألقوا السّلَمَ } يعني في خروجهم معهم وفيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه الصلح، قاله الأخفش.

الثاني: الاستسلام، قاله قطرب.

الثالث: الخضوع، قاله مقاتل. { ما كنا نعمل من سوء } يعني من كفر.

{ بَلَى إن الله عليمٌ بما كنتم تعملون } يعني إن أعمالهم أعمال الكفار.

قوله عز وجل: {... ولدار الآخرة خيرٌ } يحتمل وجهين:

أحدهما: أن الجنة خير من النار، وهذا وإن كان معلوماً فالمراد به تبشيرهم بالخلاص منها.

الثاني: أنه أراد أن الآخرة خير من دار الدنيا، قاله الأكثرون.

{ ولنعم دار المتقين } فيه وجهان:

أحدهما: ولنعم دار المتقين الآخرة. الثاني: ولنعم دار المتقين الدنيا، قال الحسن: لأنهم نالوا بالعمل فيها ثواب الآخرة ودخول الجنة. قوله تعالى: { الذين تتوفاهم الملائكة طيبين }

قيل معناه صالحين.

ويحتمل طيبي الأنفس ثقة بما يلقونه من ثواب الله تعالى.

ويحتمل ـ وجهاً ثالثاً ـ أن تكون وفاتهم وفاة طيبة سهلة لا صعوبة فيها ولا ألم بخلاف ما تقبض عليه روح الكافر.

{ يقولون سلام عليكم } يحتمل وجهين:

أحدهما: أن يكون السلام عليهم إنذاراً لهم بالوفاة.

الثاني: أن يكون تبشيراً لهم بالجنة، لأن السلام أمان.

{ ادخلوا الجنة } يحتمل وجهين:

أحدهما: أن يكون معناه أبشروا بدخول الجنة.

الثاني: أن يقولوا ذلك لهم في الآخرة.

{ بما كنتم تعملون } يعني في الدنيا من الصالحات.