الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِي سَخَّرَ ٱلْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَأَلْقَىٰ فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } * { وَعَلامَاتٍ وَبِٱلنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ } * { أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ } * { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَآ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قوله عز وجل: { وَتَرَى الفلك مواخِرَ فيه } فيه خمسة أوجه:

أحدها: أن المواخر المواقر، قاله الحسن.

الثاني: أنها التي تجري فيه معترضة، قاله أبو صالح.

الثالث: أنها تمخر الريح من السفن، قاله مجاهد: لأن المخر في كلامهم هبوب الريح.

الرابع: أنها تجري بريح واحدة مقبلة ومدبرة، قاله قتادة.

الخامس: أنها التي تشق الماء من عن يمين وشمال، لأن المخر في كلامهم شق الماء وتحريكه قاله ابن عيسى.

{ ولتبتغوا من فضله } يحتمل وجهين:

أحدهما: بالتجارة فيه.

الثاني: بما تستخرجون من حليته، وتأكلونه من لحومه.

قوله عز وجل: { وعلاماتٍ وبالنجم هم يهتدون } في العلامات ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها معالم الطريق بالنهار، وبالنجوم يهتدون بالليل، قاله ابن عباس.

الثاني: أنها النجوم أيضاً لأن من النجوم ما يهتدي بها، قاله مجاهد وقتادة والنخعي.

الثالث: أن العلامات الجبال. وفي { النجم } قولان:

أحدهما: أنه جمع النجوم الثابتة، فعبر عنها بالنجم الواحد إشارة إلى الجنس.

الثاني: أنه الجدي وحده لأنه أثبت النجوم كلها في مركزه.

وفي المراد بالاهتداء بها قولان:

أحدهما: أنه أراد الاهتداء بها في جميع الأسفار، قاله الجمهور.

الثاني: أنه أراد الاهتداء به في القِبلة. قال ابن عباس: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى { وبالنجم هم يهتدون } قال " هو الجدي يا ابن عباس عليه قبلتكم، وبه تهتدون في بركم وبحركم ".

قوله عز وجل: { وإن تعدوا نعمة اللهِ لا تحصوها } فيه وجهان:

أحدهما: لا تحفظوها، قال الكلبي. الثاني: لا تشكروها وهو مأثور. ويحتمل المقصود بهذا الكلام وجهين:

أحدهما: أن يكون خارجاً مخرج الامتنان تكثيراً لنعمته أن تحصى.

الثاني: أنه تكثير لشكره أن يؤدى. فعلى الوجه الأول يكون خارجاً مخرج الامتنان. وعلى الوجه الثاني خارجاً مخرج الغفران.