الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ } * { وَٱصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِٱللَّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ } * { إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ }

قوله عز وجل: { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عُوقبتم به } فيها قولان:

أحدهما: أنها نزلت في قتلى أحُد حين مثلت بهم قريش.

واختلف قائل ذلك في نسخه على قولين:

أحدهما: أنها منسوخة بقوله تعالى: { واصبر وما صبرك إلا بالله }

الثاني: أنها ثابتة غير منسوخة فهذا أحد القولين.

والقول الثاني: أنها نزلت في كل مظلوم ان يقتص من ظالمه، قاله ابن سيرين ومجاهد { واصبر } فيه وجهان:

أحدهما: اصبر على ما أصابك من الأذى، وهو محتمل.

الثاني: واصبر بالعفو عن المعاقبة بمثل ما عاقبوا من المثلة بقتلى أُحد، قاله الكلبي.

{ وما صبر إلا بالله } يحتمل وجهين:

أحدهما: وما صبر إلا بمعونة الله.

الثاني: وما صبرك إلا لوجه الله.

{ ولا تحزن عليهم } فيه وجهان:

أحدهما: إن لم يقبلوا.

الثاني: إن لم يؤمنوا.

{ ولا تك في ضيقٍ مما يمكرون } قرأ بن كثير { ضيق } بالكسر وقرأ الباقون بالفتح. وفي الفرق بينهما قولان:

أحدهما: أنه بالفتح ما قل، وبالكسر ما كثر، قاله أبو عبيدة.

الثاني: أنه بالفتح ما كان في الصدر، وبالكسر ما كان في الموضع الذي يتسع ويضيق، قاله الفراء.

قوله عز وجل: { إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون } اتقوا يعني فيما حرم الله عليهم. والذين هم محسنون فيما فرضه الله تعالى، فجمع في هذه الآية اجتناب المعاصي وفعل الطاعات.

وقوله: { مع الذين اتقوا } أي ناصر الذي اتقوا. وقال بعض أصحاب الخواطر: من اتقى الله في أفعاله أحْسَنَ إليه في أحواله، والله أعلم.