الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { شَاكِراً لأَنْعُمِهِ ٱجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { وَآتَيْنَاهُ فِي ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { ثُمَّ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ أَنِ ٱتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ }

قوله عز وجل: { إنّ إبراهيم كان أمّةً } فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: يُعلّم الخير، قاله ابن مسعود وإبراهيم النخعي. قال زهير:

فأكرمه الأقوام من كل معشر   كرام فإن كذبتني فاسأل الأمم
يعني العلماء.

الثاني: أمة يقتدى به، قاله الضحاك. وسمي أمة لقيام الأمة به. الثالث: إمام يؤتم به، قاله الكسائي وأبو عبيدة. { قانتاً لله } فيه ثلاثة تأويلات:

أحدها: مطيعاً لله، قاله ابن مسعود.

الثاني: إن القانت هو الذي يدوم على العبادة لله.

الثالث: كثير الدعاء لله عز وجل.

{ حنيفاً } فيه ثلاثة تأويلات:

أحدها: مخلص، قاله مقاتل.

الثاني: حاجّا، قاله الكلبي.

الثالث: أنه المستقيم على طريق الحق، حكاه ابن عيسى.

{ ولم يَكُ من المشركين } فيه وجهان:

أحدهما: لم يك من المشركين بعبادة الأصنام.

الثاني: لم يك يرى المنع والعطاء إلا من اللَّه.

{ وآتيناه في الدنيا حسنة } فيه أربعة تأويلات:

أحدها: أن الحسنة النبوة، قاله الحسن.

الثاني: لسان صدق، قاله مجاهد.

الثالث: أن جميع أهل الأديان يتولونه ويرضونه، قاله قتادة.

الرابع: أنها تنوية الله بذكره في الدنيا بطاعته لربه. حكاه ابن عيسى.

ويحتمل خامساً: أنه بقاء ضيافته وزيارة الأمم لقبره.

{ وإنه في الآخرة لمن الصالحين } فيه وجهان:

أحدهما: في منازل الصالحين في الجنة.

الثاني: من الرسل المقربين.

قوله عز وجل: { ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً } فيه قولان:

أحدهما: اتباعه في جميع ملته إلا ما أمر بتركه، وهذا قول بعض أصحاب الشافعي، وهذا دليل على جواز الأفضل للمفضول لأن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء.

الثاني: اتباعه في التبرؤ من الأوثان والتدين بالإسلام، قاله أبو جعفر الطبري.