قوله عز وجل: { ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن الشيع الأمم، قاله ابن عباس وقتادة. الثاني: أن الشيع جمع شيعة، والشيعة الفرقة المتآلفة المتفقة الكلمة، فكأن الشيع الفرق، ومنه قوله تعالى{ أو يلبسكم شيَعاً } [الأنعام:65] أي فرقاً، وأصله مأخوذ من الشياع وهو الحطب الصغار يوقد به الكبار، فهو عون النار. الثالث: أن الشيع القبائل، قاله الكلبي. قوله عز وجل: { كذلك نسلكه في قلوب المجرمين } فيه أربعة أوجه: أحدها: كذلك نسلك الاستهزاء في قلوب المجرمين، وإن لم يعرفوا، قاله قتادة. الثاني: كذلك نسلك التكذيب في قلوب المجرمين، قاله ابن جريج. الثالث: كذلك نسلك القرآن في قلوب المجرمين، وإن لم يؤمنوا، قاله الحسن. الرابع: كذلك إذا كذب به المجرمون نسلك في قلوبهم أن لا يؤمنوا به. قوله عز وجل: { لا يؤمنون به } يحتمل وجهين: أحدهما: بالقرآن أنه من عند الله. الثاني: بالعذاب أن يأتيهم. { وقد خلت سنة الأولين } السنة: الطريقة، قال عمر بن أبي ربيعة:
لها من الريم عيناه وسُنّتُهُ
ونحرُه السابق المختال إذ صَهَلا
فيه وجهان: أحدهما: قد خلت سنة الأولين بالعذاب لمن أقام على تكذيب الرسل. الثاني: بأن لا يؤمنوا برسلهم إذا عاندوا. ويحتمل ثالثاً: بأن منهم مؤمناً وكافراً. كما يحتمل رابعاً: من أقام على الكفر بالمعجزات بعد مجيء ما طلب من الآيات.