الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي ٱلأَصْفَادِ } * { سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ } * { لِيَجْزِىَ ٱللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ }

قوله عز وجل: { وترى المجرمين يومئذٍ مقرنين في الأصفاد } فيه قولان:

أحدهما: أن الأصفاد الأغلال، واحدها صفد، ومنه قول حسان:

ما بين مأسورٍ يشد صِفادُهُ   صقرٍ إذا لاقى الكريهة حامي
الثاني: أنها القيود، ومنه قول عمرو بن كلثوم:

فآبوا بالنهاب وبالسبايا   وأُبنا بالملوكِ مُصَفّدينا
أي مقيّدين. وأما قول النابغة الذبياني:

هذا الثناء فإن تسمع لقائله   فلم أعرض، أبيت اللعن، بالصفدِ
فأراد بالصفد العطية، وقيل لها صف لأنها تقيد المودة.

وفي المجرمين المقرنين في الأصفاد قولان:

أحدهما: أنهم الكفار يجمعون في الأصفاد كما اجتمعوا في الدنيا على المعاصي.

الثاني: أنه يجمع بين الكافر والشيطان في الأصفاد.

قوله عز وجل: { سرابيلهم مِن قطرانٍ } السرابيل: القمص، واحدها سربال، ومنه قول الأعشى:

عهدي بها في الحي قد سربلت   صفراء مثل المهرة الضامر
وفي القطران ها هنا قولان:

أحدهما: أنه القطران الذي تهنأ به الجمال، قاله الحسن، وإنما جعلت سرابيلهم من قطران لإسراع النار إليها.

الثاني: أنه النحاس الحامي، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير.

وقرأ عكرمة وسعيد بن جبير { من قطران } بكسر القاف وتنوين الراء وهمزآن لأن القطر النحاس، ومنه قوله تعالىآتوني أفرغ عليه قطراً } [الكهف:96] والآني: الحامي، ومنه قوله تعالىوبين حَمِيمٍ آن } [الرحمن:44].