الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ } * { يَمْحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ ٱلْكِتَابِ }

قوله عز وجل: { ولقد أرسلنا رُسُلاً من قبلك وجعلنا لهم أزوجاً وذرية } يعني بالأزواج النساء، وبالذرية الأولاد. وفيه وجهان:

أحدهما: معناه أن من أرسلناه قبلك من المرسلين بشر لهم أزواج وذرية كسائر البشر، فلمَ أنكروا رسالتك وأنت مثل من قبلك.

الثاني: أنه نهاه بذلك عن التبتل، قاله قتادة.

وقيل إن اليهود عابت على النبي صلى الله عليه وسلم الأزواج، فأنزل الله تعالى إلى ذلك فيهم يعلمهم أن ذلك سُنَّة الرسل قبله.

{ وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله } قيل إن مشركي قريش سألوه آيات قد تقدم ذكرها في هذه السورة فأنزل الله تعالى ذلك فيهم.

{ ولكل أجل كتابٌ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: معناه لكل كتاب نزل من السماء أجل. وهو من المقدِّم والمؤخر، قاله الضحاك.

الثاني: معناه لكل أمر قضاه الله تعالى كتاب كتبه فيه، قاله ابن جرير.

الثالث: لكل أجل من آجال الخلق كتاب عند الله تعالى، قاله الحسن.

ويحتمل رابعاً: لكل عمل خَبر.

قوله عز وجل: { يمحو الله ما يشاء ويثبت } فيه سبعة تأويلات:

أحدها: يمحو الله ما يشاء من أمور عباده فيغيره إلا الشقاء والسعادة فإنهما لا يغيران، قاله ابن عباس.

الثاني: يمحو الله ما يشاء ويثبت ما يشاء في كتاب سوى أُم الكتاب، وهما كتابان أحدهما: أم الكتاب لا يغيره ولا يمحو منه شيئاً كما أراد، قاله عكرمة.

الثالث: أن الله عز وجل ينسخ ما يشاء من أحكام كتابه، ويثبت ما يشاء منها فلا ينسخه، قاله قتادة وابن زيد.

الرابع: أنه يمحو مَنْ قد جاء أجلُه ويثبت من لم يأت أجلُه، قاله الحسن.

الخامس: يغفر ما يشاء من ذنوب عباده، ويترك ما يشاء فلا يغفره، قاله سعيد بن جبير.

السادس: أنه الرجل يقدم الطاعة ثم يختمها بالمعصية فتمحو ما قد سلف، والرجل يقدم المعصية ثم يختمها بالطاعة فتمحو ما قد سلف، وهذا القول مأثور عن ابن عباس أيضاً.

السابع: أن الحفظة من الملائكة يرفعون جميع أقواله وأفعاله، فيمحو الله عز وجل منها ما ليس فيه ثواب ولا عقاب، ويثبت ما فيه الثواب والعقاب، قاله الضحاك.

{ وعنده أم الكتاب } فيه ستة تأويلات:

أحدها: الحلال والحرام، قاله الحسن.

الثاني: جملة الكتاب، قاله الضحاك.

الثالث: هو علم الله تعالى بما خلق وما هو خالق، قاله كعب الأحبار.

الرابع: هو الذكر، قاله ابن عباس.

الخامس: أنه الكتاب الذي لا يبدل، قاله السدي.

السادس: أنه أصل الكتاب في اللوح المحفوظ، قاله عكرمة.