الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ } * { قَالُوۤاْ أَءِنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـٰذَا أَخِي قَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَآ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ } * { قَالَ لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ يَغْفِرُ ٱللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ }

قوله عز وجل: { قال هَلْ علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه } معنى قوله { هل علمتم ما فعلتم } أي قد علمتم، كقوله تعالى { هل أتى على الإنسان حين من الدهر } أي قد أتى.

قال ابن إسحاق: ذكر لنا أنهم لما قالوا { مسّنا وأهلنا الضر } رحمهم ورقَّ لهم، فقال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه؟ وعَدَّدَ عليهم ما صنعوا بهما.

{ إذ أنتم جاهلون } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: يعني جهل الصغر.

الثاني: جهل المعاصي.

الثالث: الجهل بعواقب أفعالهم. فحينئذ عرفوه.

{ قالوا أئنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي } وحكى الضحاك في قراءة عبدالله: وهذا أخي وبيني وبينه قربى

{ قد مَنّ الله علينا } يعني بالسلامة ثم بالكرامة، ويحتمل بالإجتماع بعد طول الفرقة.

{ إنه مَنْ يتّق ويصبرْ } فيه قولان:

أحدهما: يتقي الزنى ويصبر على العزوبة، قاله إبراهيم.

الثاني: يتقي الله تعالى ويصبر على بلواه. وهو محتمل.

{ فإن الله لا يضيع أجر المحسنين } فيه قولان:

أحدهما: في الدنيا.

الثاني: في الآخرة.

قوله عز وجل: { قالوا تالله آثرك اللهُ علينا } مأخوذ من الإيثار، وهو إرادة تفضيل أحد النفسين على الآخر، قال الشاعر:

والله أسماك سُمًّا مباركاً   آثرك الله به إيثارَكاً
{ وإن كنا لخاطئين } أي فيما صنعوا بيوسف، وفيه قولان:

أحدهما: آثمين.

الثاني: مخطئين. والفرق بين الخاطئ والمخطئ أن الخاطئ آثم.

فإن قيل: فقد كانوا عند فعلهم ذلك به صغاراً ترفع عنهم الخطايا.

قيل لما كبروا واستداموا إخفاء ما صنعوا صاروا حينئذ خاطئين.

قوله عز وجل: { قال لا تثريب عليكم } فيه قولان أربعة تأويلات:

أحدها: لا تغيير عليكم، وهو قول سفيان ابن عيينة.

الثاني: لا تأنيب فيما صنعتم، قاله ابن إسحاق.

الثالث: لا إباء عليكم في قولكم، قاله مجاهد.

الرابع: لا عقاب عليكم وقال الشاعر:

فعفوت عنهم عفو غير مثربٍ   وتركتهم لعقاب يومٍ سرمد
{ اليوم يغفر الله لكم } يحتمل وجهين:

أحدهما: لتوبتهم بالاعتراف والندم.

الثاني: لإحلاله لهم بالعفو عنهم.

{ وهو أرحم الراحمين } يحتمل وجهين: أحدهما: في صنعه بي حين جعلني ملكاً.

الثاني: في عفوه عنكم عما تقدم من ذنبكم.