قوله عز وجل: { فلما استيأسوا منه } أي يئسوا من رد أخيهم عليهم. الثاني: استيقنوا أنه لا يرد عليهم، قاله أبو عبيدة وأنشد قول الشاعر:
أقول لها بالشعب إذ يأسرونني
ألم تيأسوا أني ابن فارس زهدم
{ خلصوا نجيّاً } أي خلا بعضهم ببعض يتناجون ويتشاورون لا يختلط بهم غيرهم. { قال كبيرهم } فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه عنى كبيرهم في العقل والعلم وهو شمعون الذي كان قد ارتهن يوسف عنده حين رجع إخوته إلى أبيهم، قاله مجاهد. الثاني: أنه عنى كبيرهم في السن وهو روبيل ابن خالة يوسف، قاله قتادة. الثالث: أنه عنى كبيرهم في الرأي والتمييز وهو يهوذا، قاله مجاهد. { ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقاً من الله } يعني عند إيفاد ابنه هذا معكم. { ومن قبل ما فرَّطتم في يوسف } أي ضيعتموه. { فلن أبرح الأرض } يعني أرض مصر. { حتى يأذن لي أبي } يعني بالرجوع. { أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين } فيه قولان: أحدهما: يعني أو يقضي الله لي بالخروج منها، وهو قول الجمهور. الثاني: أو يحكم الله لي بالسيف والمحاربة لأنهم هموا بذلك، قاله أبو صالح. قوله عز وجل: { ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق } وقرأ ابن عباس { سُرِق } بضم السين وكسر الراء وتشديدها. { وما شهدنا إلا بما علمنا } فيها وجهان: أحدهما: وما شهدنا عندك بأن ابنك سرق إلا بما علمنا من وجود السرقة في رحله، قاله ابن إسحاق. الثاني: وما شهدنا عند يوسف بأن السارق يُسترقّ إلا بما علمنا من دينك، قاله ابن زيد. { وما كنا للغيب حافظين } فيه وجهان: أحدهما: ما كنا نعلم أن ابنك يسرق، قاله قتادة. الثاني: ما كنا نعلم أن ابنك يسترقّ، وهو قول مجاهد. قوله عز وجل: { واسأل القرية التي كنا فيها } وهي مصر، والمعنى واسأل أهل القرية فحذف ذكر الأهل إيجازاً، لأن الحال تشهد به. { والعير التي أقبلنا فيها } وفي { العير } وجهان: أحدهما: أنها القافلة، وقافلة الإبل تسمى عيراً على التشبيه. الثاني: الحمير، قاله مجاهد، والمعنى أهل العير. وقيل فيه وجه ثالث: أنهم أرادوا من أبيهم يعقوب أن يسأل القرية وإن كانت جماداً، أو نفس العير وإن كانت حيواناً بهيماً لأنه نبي، والأنبياء قد سخر لهم الجماد والحيوان بما يحدث فيهم من المعرفة إعجازاً لأنبيائه، فأحالوه على سؤال القرية والعير ليكون أوضح برهاناً. { وإنا لصادقون } أي يستشهدون بصدْقنا أن ابنك سرق.