الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِيۤ إِنَّ ٱلنَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِٱلسُّوۤءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيۤ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ ٱلْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ } * { قَالَ ٱجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ }

قوله عز وجل: { وما أبرىء نفسي } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه قول العزيز أي وما أبرىء نفسي من سوء الظن بيوسف.

{ إنَّ النفس لأمارة بالسوء } يحتمل وجهين:

أحدهما: الأمارة بسوء الظن.

الثاني: بالاتهام عند الارتياب.

{ إلا ما رحم ربي } يحتمل وجهين:

أحدهما: إلاَّ ما رحم ربي إن كفاه سوء الظن.

الثاني: أن يثنيه حتى لا يعمل. فهذا تأويل من زعم أنه قول العزيز.

الوجه الثاني: أنه قول امرأة العزيز وما أبرىء نفسي إن كنت راودت يوسف عن نفسه لأن النفس باعثة على السوء إذا غلبت الشهوة عليها.

{ إلا ما رحم ربي } يحتمل وجهين:

أحدهما: إلا ما رحم ربي من نزع شهوته منه.

الثاني: إلا ما رحم ربي في قهره لشهوة نفسه، فهذا تأويل من زعم أنه من قول امرأة العزيز.

الوجه الثاني: أنه من قول يوسف، واختلف قائلو هذا في سببه على أربعة أقاويل:

أحدها: أن يوسف لما قال { ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب } قالت امرأة العزيز: ولا حين حللت السراويل؟ فقال: وما أبريء نفسي إن النفس لأمّارة بالسوء، قاله السدي.

الثاني: أن يوسف لما قال ذلك غمزه جبريل عليه السلام فقال: ولا حين هممت؟ فقال { وما أُبريء نفسي إن النفس لأمّارة بالسوء } قاله ابن عباس.

الثالث: أن الملك الذي مع يوسف قال له: اذكر ما هممت به، فقال: { وما أبرىء نفسي إن النفس لأمّارة بالسوء } قاله قتادة.

الرابع: أن يوسف لما قال { ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب } كره نبي الله أن يكون قد زكى نفسه فقال { وما أبريء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء } قاله الحسن.

ويحتمل قوله { لأمارة بالسوء } وجهين:

أحدهما: يعني أنها مائلة إلى الهوى بالأمر بالسوء.

الثاني: أنها تستثقل من عزائم الأمور ما إن لم يصادف حزماً أفضت إلى السوء.

قوله عز وجل: { وقال الملك ائتوني به اسْتخلصه لنفسي } وهذا قول الملك الأكبر لما علم أمانة يوسف اختاره ليستخلصه لنفسه في خاص خدمته.

{ فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين } لأنه استدل بكلامه على عقله، وبعصمته على أمانته فقال: { إنك اليوم لدينا مكين أمين } وهذه منزلة العاقل العفيف.

وفي قوله { مكين } وجهان: أحدهما: وجيه، قاله مقاتل.

الثاني: متمكن في المنزلة الرفيعة. وفي قوله { أمين } ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه بمعنى آمن لا تخاف العواقب، قاله ابن شجرة.

الثاني: أنه بمعنى مأمون ثقة، قاله ابن عيسى.

الثالث: حافظ، قاله مقاتل. قوله عز وجل: { قال اجعلني على خزائن الأرض } أي على خزائن أرضك، وفيها قولان:

أحدهما: هو قول بعض المتعمقة أن الخزائن ها هنا الرجال، لأن الأفعال والأقوال مخزونة فيهم فصاروا خزائن لها.

السابقالتالي
2