الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا ٱذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ ٱلشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي ٱلسِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ }

قوله عز وجل: { وقال للذي ظن أنه ناجٍ منهما اذكرني عند ربك } فيه قولان: أحدهما: يعني للذي علم أنه ناج، فعبر عن العلم بالظن، قاله ابن شجرة. الثاني: أنه ظن ذلك من غير يقين.

وفي ظنه وجهان:

أحدهما: لأن عبارة الرؤيا بالظن فلذلك لم يقطع به، قاله قتادة.

الثاني: أنه لم يتيقن صدقهما في الرؤيا فكان الظن في الجواب لشكه في صدقهما.

{ اذكرني عند ربك } أي عند سيدك يعني الملك الأكبر الوليد بن الريان تأميلاً للخلاص إن ذكره عنده.

{ فأنساه الشيطان ذكر ربِّه } فيه قولان:

أحدهما: أن الذي نجا منهما أنساه الشيطان ذكر يوسف عند سيده حتى رأى الملك الرؤيا قاله محمد بن إسحاق.

الثاني: أن يوسف أنساه الشياطن ذكر ربه في الاستغاثة به والتعويل عليه.

روى أبو سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " رحم الله يوسف لولا الكلمة التي قال: اذكرني عند ربك ما لبث في السجن ما لبث ".

{ فلبث في السِّجن بضع سنين } قال ابن عباس: عوقب يوسف بطول السجن بضع سنين لما قال للذي نجا منهما اذكرني عند ربك، ولو ذكر يوسف ربه لخلصه. وفي " البضع " أربعة أقاويل:

أحدها: من ثلاث إلى سبع، وهذا قول أبي بكر الصديق وقطرب.

الثاني: من ثلاث إلى تسع، قاله مجاهد والأصمعي.

الثالث: من ثلاث إلى عشر، قاله ابن عباس.

الرابع: ما بين الثلاث إلى الخمس، حكاه الزجاج.

قال الفراء: والبِضع لا يذكر إلا مع العشرة والعشرين إلى التسعين، ولا يذكر بعد المائة.

وفي المدة التي لبث فيها يوسف مسجوناً ثلاثة أقاويل:

أحدها: سبع سنين، قاله ابن جريج وقتادة.

الثاني: أنه لبث اثنتي عشرة سنة، قاله ابن عباس.

الثالث: لبث أربعة عشرة سنة، قاله الضحاك، وإنما البضع مدة العقوبة لا مدة الحبس كله.

وقال وهب: حبس يوسف سبع سنين، ومكث أيوب في البلاء سبع سنين.

قال الكلبي: حبس سبع سنين بعد الخمس السنين التي قال فيها { اذكرني عند ربك }.