قوله عزو جل: { وقال الذي اشتراه من مصر } وهو العزيز ملكها واسمه إظفير بن رويجب. { لامرأته } واسمها راعيل بنت رعاييل، على ما ذرك ابن اسحاق. وقال ابن عباس: اسمه قطفير وكان على خزائن مصر، وكان الملك يومئذ الوليد بن الرّيان من العماليق. قال مقاتل: وكان البائع له للملك مالك بن ذعر بعشرين ديناراً وزاده حُلة ونعلين. { أكرمي مثواه } فيه وجهان: أحدهما: أجملي منزلته. الثاني: أجلي منزلته، قال كثير:
أريد ثواءً عندها وأظُنُّها
إذا ما أطَلْنا عندها المكث ملَّت
وإكرام مثواه بطيب طعامه ولين لباسه وتوطئة مبيته. { عسى أن ينفعنا } قيل: في ثمنه إن بعناه. ويحتمل: ينفعنا في الخدمة والنيابة. { أو نتخذه ولداً } إن أعتقناه وتبنيناه. قال عبد الله بن مسعود: أحسن الناس في فراسة ثلاثة: العزيز في يوسف حين قال لامرأته { أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا } وابنة شعيب في موسى حين قالت لأبيها{ يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين } [القصص:26] وأبو بكر حين استخلف عمر. { وكذلك مكّنّا ليوسف في الأرض } فيه وجهان: أحدهما: بإخراجه من الجب. الثاني: باستخلاف الملك له. { ولنعلمه من تأويل الأحاديث } قد ذكرنا في تأويله وجهين. { والله غالبٌ على أمره } فيه وجهان: أحدهما: غالب على أمر يوسف حتى يبلغ فيه ما أراده له، قاله مقاتل. الثاني: غالب على أمر نفسه فيما يريده، أن يقول له كن فيكون. قوله عز وجل: { ولما بلغ أشدَّه } يعني منتهى شدته وقوة شبابه. وأما الأشدُّ ففيه ستة أقاويل: أحدها: ببلوغ الحلم، قاله الشعبي وربيعة وزيد بن أسلم. الثاني: ثماني عشرة سنة، قاله سعيد بن جبير. الثالث: عشرون سنة، قاله ابن عباس والضحاك. الرابع: خمس وعشرون سنة، قاله عكرمة. الخامس: ثلاثون سنة، قاله السدي. السادس: ثلاث وثلاثون سنة. قاله الحسن ومجاهد وقتادة. هذا أول الأشد، وفي آخر الأشد قولان: أحدهما: أنه أربعون سنة، قاله الحسن. الثاني: أنه ستون سنة، حكاه ابن جرير الطبري، وقال سُحَيْم بن وثيل الرياحي:
أخو خمسين مجتمع أشُدّي
وتجذّني مداورة الشئون
وفي المراد ببلوغ الأشد في يوسف قولان: أحدهما: عشرون سنة، قاله الضحاك. الثاني: ثلاثون سنة، وهو قول مجاهد. { آتيناه حكماً وعلماً } في هذا الحكم الذي آتاه خمسة أوجه: أحدها: العقل، قاله مجاهد. الثاني: الحكم على الناس. الثالث: الحكمة في أفعاله. الرابع: القرآن، قاله سفيان. الخامس: النبوة، قاله السدي. وفي هذا العلم الذي آتاه وجهان: أحدهما: الفقه، قاله مجاهد. الثاني: النبوة، قاله ابن أبي نجيح. ويحتمل وجهاً ثالثاً: أنه العلم بتأويل الرؤيا. { وكذلك نجزي المحسنين } فيه وجهان: أحدهما: المطيعين. الثاني: المهتدين، قاله ابن عباس. والفرق بين الحكيم والعالم أن الحكيم هو العامل بعلمه، والعالم هو المقتصر على العلم دون العمل.