قوله عز وجل: { قالوا يا أبانا إنّا ذهبنا نستبق } وهو نفتعل من السباق وفيه أربعة أوجه: أحدها: معناه ننتصل، من السباق في الرمي، قاله الزجاج. الثاني: أنهم أرادوا السبق بالسعي على أقدامهم. الثالث: أنهم عنوا استباقهم في العمل الذي تشاغلوا به من الرعي والاحتطاب. الرابع: أي نتصيد وأنهم يستبقون على اقتناص الصيد. { وتركنا يوسف عند متاعنا } يحتمل أن يعنوا بتركه عند متاعهم إظهار الشفقة عليه، ويحتمل أن يعنوا حفظ رحالهم. { فأكله الذئب } لما سمعوا أباهم يقول: وأخاف أن يأكله الذئب أخذوا ذلك من فيه وتحرّموا به لأنه كان أظهر المخاوف عليه. { وما أنت بمؤمن لنا } أي بمصدق لنا. { ولو كنا صادقين } فيه وجهان: أحدهما: أنه لم يكن ذلك منهم تشكيكاً لأبيهم في صدقهم وإنما عنوا: ولو كنا أهل صدق ما صدقتنا، قاله ابن جرير. الثاني: معناه وإن كنا قد صدقنا، قاله ابن إسحاق. قوله عزوجل: { وجاءُوا على قميصه بدمٍ كذب } قال مجاهد: كان دم سخلة. وقال قتادة: كان دم ظبية. قال الحسن: لما جاءُوا بقميص يوسف فلم ير يعقوب فيه شقاً قال: يا بني والله ما عهدت الذئب حليماً أيأكل ابني ويبقي على قميصه. ومعنى قوله { بدم كذب } أي مكذوب فيه، ولكن وصفه بالمصدر فصار تقديره بدم ذي كذب. وقرأ الحسن { بدم كذب } بالدال غير معجمة، ومعناه بدم متغير قاله الشعبي. وفي القميص ثلاث آيات: حين جاءُوا عليه بدم كذب، وحين قُدَّ قميصه من دُبر، وحين ألقي على وجه أبيه فارتد بصيراً. { قال بل سوَّلت لكن أنفسكم أمراً } فيه وجهان: أحدهما: بل أمرتكم أنفسكم، قاله ابن عباس. الثاني: بل زينت لكم أنفسكم أمراً، قاله قتادة. وفي ردّ يعقوب عليهم وتكذيبه لهم ثلاثة أوجه: أحدها: أنه كان ذلك بوحي من الله تعالى إليه بعد فعلهم. الثاني: أنه كان عنده علم بذلك قديم أطلعه الله عليه. الثالث: أنه قال ذلك حدساً بصائب رأيه وصدق ظنه. قال ترضيه لنفسه { فصبر جميل } فاحتمل ما أمر به نفسه من الصبر وجهين: أحدهما: الصبر على مقابلتهم على فعلهم فيكون هذا الصبر عفواً عن مؤاخذتهم. الثاني: أنه أمر نفسه بالصبر على ما ابتُلي به من فقد يوسف. وفي قوله: { فصبرٌ جميل } وجهان: أحدهما: أنه بمعنى أن من الجميل أن أصبر. الثاني: أنه أمر نفسه بصبر جميل. وفي الصبر الجميل وجهان: أحدهما: أنه الصبر الذي لا جزع فيه قاله مجاهد. الثاني: أنه الصبر الذي لا شكوى فيه. روى حباب بن أبي حبلة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى { فصبر جميل } فقال: " صبر لا شكوى فيه، ومن بث لم يصبر ". { والله المستعان على ما تصفون } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: والله المستعان على الصبر الجميل. الثاني: والله المستعان على احتمال ما تصفون. الثالث: يعني على ما تكذبون، قاله قتادة. قال محمد بن إسحاق: ابتلى الله يعقوب في كبره، ويوسف في صغره لينظر كيف عزمهما.