قوله عز وجل: { يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه } فيه ثلاث تأويلات: أحدها: لا تشفع إلا بإذنه. الثاني: لا تتكلم إلا بالمأذون فيه من حسن الكلام لأنهم ملجؤون إلى ترك القبيح. الثالث: أن لهم في القيامة وقت يمنعون فيه من الكلام إلا بإذنه. { فمنهم شقيٌ وسعيد } فيه وجهان: أحدهما: محروم ومرزوق، قاله ابن بحر. الثاني: معذب ومكرم، قال لبيد.
فمنهم سعيد آخذٌ بنصيبه
ومنهم شقي بالمعيشة قانعُ
ثم في الشقاء والسعادة قولان: أحدهما: أن الله تعالى جعل ذلك جزاء على عملهما فأسعد المطيع وأشقى العاصي، قاله ابن بحر. الثاني: أن الله ابتدأهما بالشقاوة والسعادة من غير جزاء. وروى عبد الله بن عمر عن أبيه أنه قال: لما نزلت { فمنهم شقي وسعيد } قلت: يا رسول الله فعلام نعمل؟ أعلى شيء قد فرغ منه أم على ما لم يفرغ منه؟ فقال: " بلى على شيء قد فرغ منه يا عمر، وجرت به الأقلام ولكن كل شيء ميسور لما خلق له ".