قوله عز وجل: { أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِن رَّبِّه } فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه القرآن، قاله عبد الرحمن بن زيد. الثاني: محمد صلى الله عليه وسلم، قاله مجاهد وعكرمة وأبو العالية وأبو صالح وقتادة والسري والضحاك. الثالث: الحجج الدالة على توحيد الله تعالى ووجوب طاعته، قاله ابن بحر. وذكر بعض المتصوفة قولاً رابعاً: أن البينة هي الإشراف على القلوب والحكمة على الغيوب. { وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ } فيه خمسة أقاويل: أحدها: أنه لسانه يشهد له بتلاوة القرآن، قاله الحسن وقتادة، ومنه قول الأعشى:
فلا تحبسنّي كافراً لك نعمةً
على شاهدي يا شاهد الله فاشهد.
الثاني: أنه محمد صلى الله عليه وسلم شاهد من الله تعالى، قاله علي بن الحسين. الثالث: أنه جبريل عليه السلام، قاله ابن عباس والنخعي وعكرمة والضحاك. الرابع: أنه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، روى المنهال عن عباد بن عبد الله قال: قال عليّ: ما في قريش أحد إلا وقد نزلت فيه آية، قيل له: فما نزل فيك؟ قال { وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنُهُ } الخامس: أنه ملك يحفظه، قاله مجاهد وأبو العالية. ويحتمل قولاً سادساً: ويتلوه شاهد من نفسه بمعرفة حججه ودلائله وهو عقله ووحدته، قال ابن بحر. { وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى } فيه وجهان: أحدهما: ومن قبل القرآن كتاب موسى وهو التوراة، قاله ابن زيد. الثاني: ومن قبل محمد كتاب موسى، قاله مجاهد. { إِمَاماً وَرَحْمَةًً } فيه وجهان: أحدهما يعني متقدماً علينا ورحمة لهم. الثاني: إماماً للمؤمنين لاقتدائهم بما فيه ورحمة لهم. { أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } يعني من كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه. { وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ } فيهم قولان: أحدهما: أنهم أهل الأديان كلها لأنهم يتحزبون: قاله سعيد بن جبير. الثاني: هم المتخزبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم المجتمعون على محاربته. وفي المراد بهم ثلاثة أوجه: أحدها: قريش، قال السدي. الثاني: اليهود والنصارى، قاله سعيد بن جبير. الثالث: أهل الملل كلها. { فَالْنَّارُ مَوْعِدُهُ } أي أنها مصيره، قال حسان بن ثابت:
أوردتموها حياض الموت ضاحيةً
فالنار موعِدُها والموت لاقيها
{ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ منه } فيه وجهان: أحدهما: في مرية من القرآن قاله مقاتل. الثاني: في مرية من أن النار موعد الكفار، قاله الكلبي، وهذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد به جميع المكلفين.