قوله عز وجل: { الر كِتَابٌ } يعني القرآن. { أُحْكِمَتْ ءَايَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ } فيه خمسة تأويلات: أحدها: أحكمت آياته بالأمر والنهي ثم فصلت بالثواب والعقاب، قاله الحسن. الثاني: أحكمت آياته من الباطل ثم فصلت بالحلال والحرام والطاعة والمعصية، وهذا قول قتادة. الثالث: أحكمت آياته بأن جعلت آيات هذه السورة كلها محكمة ثم فصلت بأن فسرت، وهذا معنى قول مجاهد. الرابع: أحكمت آياته للمعتبرين، وفصلت آياته للمتقين. الخامس: أحكمت آياته في القلوب، وفصلت أحكامه على الأبدان. { مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } فيه وجهان: أحدهما: من عند حكيم في أفعاله، خبير بمصالح عباده. الثاني: حكيم بما أنزل، خبير بمن يتقبل. قوله عز وجل { أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللَّهَ } فيه وجهان: أحدهما: أن كتبت في الكتاب { أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللَّهَ } الثاني: أنه أمر رسوله أن يقول للناس { أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللَّهَ }. { إنَّنِي لَكُم مِّنُهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ } قال ابن عباس: نذير من النار، وبشير بالجنة. قوله عز وجل: { وَأَنِ اسْتَغفْفِرُواْ رَبَّكمْ ثُمَّ تُوبُوا إلَيْهِ } فيه وجهان: أحدهما: استغفروه من سالف ذنوبكم ثم توبوا إليه من المستأنف متى وقعت منكم. قال بعض العلماء: الإٍستغفار بلا إقلاع توبة الكذابين. الثاني: أنه قدم ذكر الاستغفار لأن المغفرة هي الغرض المطلوب والتوبة هي السبب إليها، فالمغفرة أولٌ في الطلب وآخر في السبب. ويحتمل ثالثاً: أن المعنى استغفروه من الصغائر وتوبوا إليه من الكبائر { يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً } يعني في الدنيا وفيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنه طيب النفس وسعة الرزق. الثاني: أنه الرضا بالميسور، والصبر على المقدور. الثالث: أنه ترْك الخلق والإقبال على الحق، قاله سهل بن عبد الله ويحتمل ثلاثة أوجه: أحدها: أنه الحلال الكافي. الثاني: أنه الذي لا كد فيه ولا طلب. الثالث: أنه المقترن بالصحة والعافية. { إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: إلى يوم القيامة، قاله سعيد بن جبير. الثاني: إلى يوم الموت، قاله الحسن. الثالث: إلى وقت لا يعلمه إلا الله تعالى، قاله ابن عباس. { وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ } فيه وجهان: أحدهما: يهديه إلىالعمل الصالح، قاله ابن عباس. الثاني: يجازيه عليه في الآخرة، على قول قتادة. ويجوز أن يجازيه عليه في الدنيا، على قول مجاهد. { وَإن تَوَلَّوْا } يعني عما أُمرتم له. { فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ } وفيه إضمار وتقدير: فقل لهم إني أخاف عليكم عذاب يوم كبير يعني يوم القيامة وصفه بذلك لكبر الأمور التي هي فيه.