الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْعَصْرِ } * { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ }

قوله تعالى { والعَصْرِ } وهذا قَسَمٌ، فيه قولان:

أحدهما: أن العصر الدهر، قاله ابن عباس وزيد بن أسلم.

الثاني: أنه العشي ما بين زوال الشمس وغروبها، قاله الحسن وقتادة، ومنه قول الشاعر:

تَرَوّحْ بنا يا عمرُو قد قصر العَصْرُ   وفي الرَّوْحةِ الأُولى الغنيمةُ والأَجْرُ
وخصه بالقسم لأن فيه خواتيم الأعمال.

ويحتمل ثالثاً: أن يريد عصر الرسول صلى الله عليه وسلم لفضله بتجديد النبوة فيه.

وفيه رابع: أنه أراد صلاة العصر، وهي الصلاة الوسطى، لأنها أفضل الصلوات، قاله مقاتل.

{ إنّ الإنسانَ لَفي خُسْر } يعني بالإنسان جنس الناس.

وفي الخسر أربعة أوجه:

أحدها: لفي هلاك، قاله السدي.

الثاني: لفي شر، قاله زيد بن أسلم.

الثالث: لفي نقص، قاله ابن شجرة.

الرابع: لفي عقوبة، ومنه قوله تعالى: { وكان عاقبة أمْرِها خُسْراً } وكان عليّ رضي الله عنه يقرؤها: والعصر ونوائب الدهر إنّ الإنسان لفي خُسْرِ وإنه فيه إلى آخر الدهر.

{ إلا الذين آمنوا وعَمِلوا الصّالحاتِ وتَواصَوْا بالحَقِّ } في الحق ثلاثة تأويلات:

أحدها: أنه التوحيد، قاله يحيى بن سلام.

الثاني: أنه القرآن، قاله قتادة.

الثالث: أنه الله، قاله السدي.

ويحتمل رابعاً: أن يوصي مُخَلَّفيه عند حضور المنية ألا يمُوتنَّ إلا وهم مسلمون.

{ وتَوَاصوا بالصَّبْر } فيه وجهان:

أحدهما: على طاعة الله، قاله قتادة.

الثاني: على ما افترض الله، قاله هشام بن حسان.

ويحتمل تأويلاً ثالثاً: بالصبر عن المحارم واتباع الشهوات.