قوله تعالى { والعَصْرِ } وهذا قَسَمٌ، فيه قولان: أحدهما: أن العصر الدهر، قاله ابن عباس وزيد بن أسلم. الثاني: أنه العشي ما بين زوال الشمس وغروبها، قاله الحسن وقتادة، ومنه قول الشاعر:
تَرَوّحْ بنا يا عمرُو قد قصر العَصْرُ
وفي الرَّوْحةِ الأُولى الغنيمةُ والأَجْرُ
وخصه بالقسم لأن فيه خواتيم الأعمال. ويحتمل ثالثاً: أن يريد عصر الرسول صلى الله عليه وسلم لفضله بتجديد النبوة فيه. وفيه رابع: أنه أراد صلاة العصر، وهي الصلاة الوسطى، لأنها أفضل الصلوات، قاله مقاتل. { إنّ الإنسانَ لَفي خُسْر } يعني بالإنسان جنس الناس. وفي الخسر أربعة أوجه: أحدها: لفي هلاك، قاله السدي. الثاني: لفي شر، قاله زيد بن أسلم. الثالث: لفي نقص، قاله ابن شجرة. الرابع: لفي عقوبة، ومنه قوله تعالى: { وكان عاقبة أمْرِها خُسْراً } وكان عليّ رضي الله عنه يقرؤها: والعصر ونوائب الدهر إنّ الإنسان لفي خُسْرِ وإنه فيه إلى آخر الدهر. { إلا الذين آمنوا وعَمِلوا الصّالحاتِ وتَواصَوْا بالحَقِّ } في الحق ثلاثة تأويلات: أحدها: أنه التوحيد، قاله يحيى بن سلام. الثاني: أنه القرآن، قاله قتادة. الثالث: أنه الله، قاله السدي. ويحتمل رابعاً: أن يوصي مُخَلَّفيه عند حضور المنية ألا يمُوتنَّ إلا وهم مسلمون. { وتَوَاصوا بالصَّبْر } فيه وجهان: أحدهما: على طاعة الله، قاله قتادة. الثاني: على ما افترض الله، قاله هشام بن حسان. ويحتمل تأويلاً ثالثاً: بالصبر عن المحارم واتباع الشهوات.