الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً } * { فَٱلمُورِيَاتِ قَدْحاً } * { فَٱلْمُغِيرَاتِ صُبْحاً } * { فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً } * { فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً } * { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } * { وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَلِكَ لَشَهِيدٌ } * { وَإِنَّهُ لِحُبِّ ٱلْخَيْرِ لَشَدِيدٌ } * { أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي ٱلْقُبُورِ } * { وَحُصِّلَ مَا فِي ٱلصُّدُورِ } * { إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ }

قوله تعالى: { والعادياتِ ضَبْحاً } في العاديات قولان:

أحدهما: أنها الخيل في الجهاد، قاله ابن عباس وأنس والحسن، ومنه قول الشاعر:

وطعنةٍ ذاتِ رشاشٍ واهيهْ   طعنْتُها عند صدور العاديْه
يعني الخيل.

الثاني: أنها الإبل في الحج، قاله عليٌّ رضي الله عنه وابن مسعود ومنه قول صفية بنت عبد المطلب:

فلا والعاديات غَداة جَمْعٍ   بأيديها إذا صدع الغبار
يعني الإبل، وسميت العاديات لاشتقاقها من العدو، وهو تباعد الرجل في سرعة المشي؛ وفي قوله " ضبحاً " وجهان:

أحدهما: أن الضبح حمحمة الخيل عند العدو، قاله من زعم أن العاديات الخيل.

الثاني: أنه شدة النّفس عند سرعة السير، قاله من زعم أنها الإبل، وقيل إنه لا يضبح بالحمحمة في عدوه إلا الفرس والكلب، وأما الإبل فضبحها بالنفَس؛ وقال ابن عباس: ضبحها: قول سائقها أج أج؛ وهذا قَسَمٌ،

{ فالموريات قَدْحاً } فيه ستة أقاويل:

أحدها: أنها الخيل توري النار بحوافرها إذا جرت من شدة الوقع، قاله عطاء.

الثاني: أنها نيران الحجيج بمزدلفة، قاله محمد بن كعب.

الثالث: أنها نيران المجاهدين إذا اشتعلت فكثرت نيرانها إرهاباً، قاله ابن عباس.

الرابع: أنها تهيج الحرب بينهم وبين عدوهم، قاله قتادة.

الخامس: أنه مكر الرجال، قاله مجاهد؛ يعني في الحروب.

السادس: أنها الألسنة إذا ظهرت بها الحجج وأقيمت بها الدلائل وأوضح بها الحق وفضح بها الباطل، قاله عكرمة، وهو قَسَمٌ ثانٍ.

{ فالمغيرات صُبْحاً } فيها قولان:

أحدهما: أنها الخيل تغير على العدو صبحاً، أي علانية، تشبيهاً بظهور الصبح، قاله ابن عباس.

الثاني: أنها الإبل حين تعدو صبحاً من مزدلفة إلى منى، قاله عليّ رضي الله عنه.

{ فأثَرنَ به نَقْعاً } فيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: فأثرن به غباراً، والنقع الغبار، قاله قتادة، وقال عبد الله بن رواحة:

عدمت بُنَيّتي إن لم تَروْها   تثير النقْعَ من كنفي كَداءِ
الثاني: النقع ما بين مزدلفة إلى منى، قاله محمد بن كعب.

الثالث: أنه بطن الوادي، فلعله يرجع إلى الغبار المثار من هذا الموضع.

{ فَوَسَطْنَ به جَمْعاً } فيه قولان:

أحدهما: جمع العدو حتى يلتقي الزخف، قاله ابن عباس والحسن.

الثاني: أنها مزدلفة تسمى جمعاً لاجتماع الحاج لها وإثارة النقع في الدفع إلى منى، قاله مكحول.

{ إنّ الإنسانَ لِربِّه لَكَنُودٌ } فيه سبعة أقاويل:

أحدها: لكفور قاله قتادة، والضحاك، وابن جبير، ومنه قول الأعشى:

أَحْدِثْ لها تحدث لوصْلك إنها   كُنُدٌ لوصْلِ الزائرِ المُعْتادِ
وقيل: إن الكنود هو الذي يكفر اليسير ولا يشكر الكثير.

الثاني: أنه اللوام لربه، يذكر المصائب وينسى النعم، قاله الحسن، وهو قريب من المعنى الأول.

السابقالتالي
2