الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ } * { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ } * { ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ } * { ٱلَّذِى عَلَّمَ بِٱلْقَلَمِ } * { عَلَّمَ ٱلإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ }

قال الله تعالى: { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ } قال صاحب الكشاف: محل " باسم ربك ": النصب على الحال، أي: اقرأ مفتتحاً باسم ربك، قل: بسم الله، ثم اقرأ.

فإن قلت: ما باله لم يذكر مفعول " خلق "؟

قلتُ: إما أن يكون المعنى الذي حصل منه الخلق فلا يستدعي مفعولاً، وإما أن يكون المفعول محذوفاً، فتقديره: خلق كل شيء.

ثم خصَّصَ جنس الإنسان بالذكر؛ لشرفه، وكونه المخاطب بالتكاليف فقال: { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ }.

وقوله: { مِنْ عَلَقٍ } على جمع علقة، تدل على إرادة جنس الإنسان.

قوله تعالى: { ٱقْرَأْ } [تكرير] توكيد. ثم استأنف فقال: { وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ } أي: الذي لا نظير له في كرمه.

وفي قوله: { ٱلَّذِى عَلَّمَ بِٱلْقَلَمِ * عَلَّمَ ٱلإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } عقيب قوله: { ٱلأَكْرَمُ } تنبيهٌ على أن إفادة العلم كرم محض، وتنبيهٌ على فضل علم الكتابة؛ لما فيه من المنافع التي لا يحيط بها علماً سوى الله عز وجل، وبه انتظام علم الدنيا والآخرة. وقد ذكرت في سورة " نون " طرفاً من فضائل القلم.

ومن بديع ما سمعت فيه ما أنشدنيه صاحبنا أبو نصر بن عثمان بن خليفة الموصلي الحنبلي لنفسه:
أيُّها الصاحبُ الكريمُ ومنْ   أصبحَ زيْنَ الكُتَّابِ والأصْحَاب
بيَرَاعٍ ريعَتْ له نُوبُ الدَّهْر   وهانتْ به جميعُ الصِّعَاب
وإذا ما يشاءُ أمراً فلا يَحْفَلْ   يوماً بالصَّارمِ القِرْضَاب
فهو يَجْزِي للأولياء بأرْيٍ   ولأعدائه بشَرْيٍ وَصَاب
أقسمَ اللهُ باسمه وكَفَاهُ   [مَفْخَرَاً] إذْ أتى بنصِّ الكِتَاب
والمعنى: علّم الإنسان الكتابة بالقلم، علّم الإنسان من العلوم والصنائع ما لم يعلم.